تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَصۡحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلۡنَٰهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (15)

14

15-{ فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين }

نجّى الله نوحا والمؤمنين معه ، وكانوا قرابة الثمانين نسمة ، بعضهم من الذكور ، وبعضهم من الإناث ، وسارت السفينة في البحر بإذن الله ، وأغرق الله الكافرين ونجّى المؤمنين ، ثم رست السفينة على جبل الجوديّ ، وتركها الله عليه مدة طويلة ، لتكون عظة وعبرة للناس ، حتى لا يعصوا رسل الله ، ولا يشركوا بالله شيئا .

من كلام المفسرين

ذكر المفسرون أن زوجة نوح وابنه كنعان هلكا مع الكافرين ، ونجّى الله نوحا والمؤمنين ، كما نجى أولاده الثلاثة وهم : سام ، وهو أبو العرب وفارس والروم وهم الجنس السامي ، وحام ، وهو أبو القبط والسودان والبربر ، ويافث ، وهو أبو الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج10 .

من هدى السنة

أخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم -وصححه-عن ابن عباس قال : بعث الله تعالى نوحا عليه السلام وهو ابن أربعين سنة ، ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى الله تعالى ، وعاش بعد الطوفان ستين سنة ، حتى كثر الناس وفشوا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَصۡحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلۡنَٰهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (15)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فأنجيناه}، يعني: نوحا، عليه السلام، {وأصحاب السفينة} من الغرق، {وجعلناها}، يعني: السفينة، {آية للعالمين} يعني: لمن بعدهم من الناس.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحا وأصحاب سفينته، وهم الذين حملهم في سفينته من ولده وأزواجهم...

"وَجَعَلْناها آيَةً للْعالَمِينَ" يقول: وجعلنا السفينة التي أنجيناه وأصحابه فيها عبرة وعظة للعالمين، وحجة عليهم... ولو قيل: معنى: "وَجَعَلْناها آيَةً للعالَمِينَ": وجعلنا عقوبتنا إياهم آية للعالمين، وجعل الهاء والألف في قوله "وَجَعَلْناها" كناية عن العقوبة أو السخط، ونحو ذلك، إذ كان قد تقدم ذلك في قوله "فأخَذَهُمُ الطّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ" كان وجها من التأويل.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{وجعلناها}... يحتمل أن يعود على النجاة، والآية هنا العبرة على قدرة الله تعالى في شدة بطشه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ودل عليهم مسبباً عن ذلك بقوله: {فأنجيناه} أي نوحاً عليه السلام بما لنا من العظمة التي لا يغلبها شيء {وأصحاب السفينة} من أولاده وأتباعه، من الغرق، وماذا يبلغ مقدار أهل سفينة واحدة في العدة والكثرة {وجعلناها} أي الفعلة أو السفينة أي نفسها وجنسها، بتلك العظمة {آية} أي علامة على قدرة الله وعلمه وإنجائه للطائع وإهلاكه للعاصي {للعالمين} فإن لم يقع في الدهر حادثة أعظم منها ولا أغرب ولا أشهر... وكونها آية أما للآدميين الذين كانوا في ذلك الزمان فالأمر فيهم واضح، وأما غيرهم من الحيوان فقد عرفوا لمعرفتهم بالجزئيات المشاهدة أن ذلك الماء لا ينجى منه في دار الأسباب إلا هذه السفينة، فالهداية إلى فعلها للنجاة قبل وقوع سبب الهلاك دالة على تمام العلم وشمول القدرة، وأن من اهتدى إليه دون أهل ذلك العصر كلهم إنما اهتدى بإعلام الله دون غيره، ونصف الآية الأولى الأول من هذه القصة تسلية وتعزية دليلاً على آيتي الفتنة أول السورة، ونصفها الثاني تحذير وتوقية، وفيه دليل على الآية الثالثة، والآية الثالثة، والآية الأخرى تبشير وترجية، وفيه دليل على ما بعد.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

معنى كونها آية أنها دليل على وقوع الطوفان عذاباً من الله للمكذبين الرسل... وقد أبقى الله بقية السفينة إلى صدر الأمة الإسلامية ففي « صحيح البخاري»: « قال قتادة: بقيت بقايا السفينة على الجودي حتى نظرتها أوائل هذه الأمة»... وإنما قال {للعالمين} الشامل لجميع سكان الأرض لأن من لم يشاهد بقايا سفينة نوح يشاهد السفن فيتذكر سفينة نوح وكيف كان صنعها بوحي من الله لإنجاء نوح ومن شاء الله نجاته، ولأن الذين من أهل قريتها يُخبرون عنها وتنقل أخبارهم فتصير متواترة.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَأَصۡحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلۡنَٰهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (15)

قوله تعالى : " فأنجيناه وأصحاب السفينة " معطوف على الهاء والهاء والألف في " جعلناها " للسفينة أو للعقوبة أو للنجاة ، ثلاثة أقوال .