مرية : شك وريبة من القيامة والبعث .
بكل شيء محيط : إحاطة تامة ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
54- { ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط } .
وتختم السورة بهذا الختام القوي ، الجامع لشبهات الكافرين ، وإحاطة علم الله رب العالمين .
إن هؤلاء الكافرين في شك شديد من لقاء ربهم ، حيث إنهم يستبعدون البعث والحشر والحساب والجزاء ، ويرون أن هذه الأجسام تتفتت وتبلى ، وبعيد أن تحيا مرة أخرى .
فالله مطلع عليهم ، وسيجازيهم على أعمالهم ، والله يحيط علمه بكل ذرات الأجسام ، وهو قادر على إحيائها مرة أخرى كما أوجدها من العدم .
قال تعالى : { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } . ( يس : 78 ، 79 ) .
وقال تعالى : { كما بدأكم تعودون } . ( الأعراف : 29 ) .
أحدهما : أن الله يحيي الموتى ، ويبعثهم بعد جمع ما تفرق من أجزائهم الأصلية .
الثاني : أن الله تعالى يعيد الخلائق بخلق جديد ، لأن أجزاءهم دخلت بعد تحللها في تكوين خلائق أخرى ، جيلا بعد جيل .
ويقولون : إن النعيم والعذاب للروح ، أما الجسد فهو وعاؤها ، والكسب إنما هو بها لا بوعائها ، فلولا الروح لما استطاع الجسد أن يعمل شيئا ، وفي منظومة فنية في علم التوحيد يقول صاحب الجوهرة :
وقل : يعاد الجسم بالتحقيق *** عن عدم ، وقيل : عن تفريق
خلاصة ما اشتملت عليه سورة فصلت
3- عقوبة المشركين ، ومثوبة المؤمنين .
4- خلق الأرض في يومين ، وخلق البحار والأنهار والأشجار في مجموع أربعة أيام ، وخلق السماء في يومين ، فالمجموع ستة أيام .
5- إقامة الأدلة على الوحدانية .
6- قصة عاد وثمود ، وتهديد المشركين بمثل ما نزل بهم .
7- شهادة الجوارح يوم القيامة على الإنسان .
8- ما يفعله قرناء السوء من التضليل والصد عن سبيل الله .
9- إعراض الكفار عن سماع القرآن .
10- ألوان العذاب الذي يصيب الكافرين يوم القيامة .
11- ما يلقاه المؤمنون من الكرامة عند خروج أرواحهم .
14- دلائل الإيمان في نزول المطر ، وحياة الأرض بعد موتها ، وكذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة .
15- عربية القرآن ، بسبب عربية المرسل إليهم .
17- من طبع الإنسان التكبر عند الرخاء ، والتضرع عن البأساء .
18- آيات الله في الآفاق وفي الأنفس الدالة على وحدانيته وقدرته .
19- شك المشركين في البعث والنشور ، ثم الرد عليهم .
أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455 ، 18460 ، 23406 ، 23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خير له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) .
أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455 ، 18460 ، 23406 ، 23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خير له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) .
ثم بين الله سببَ عنادهم واستكبارهم بعد كل ما تقدم من حججٍ وبيّنات فقال في الختام :
{ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطُ } .
إنهم في شك عظيم من البعث والجزاء ولقاء ربهم ، ولذلك كفروا ، والله تعالى محيطٌ بكل صغير وكبير ، لا يفوته شيء في هذا الكون الكبير ، وإليه مردّ الجميع .
" ألا إنهم في مرية " أي في شك " من لقاء ربهم " في الآخرة . وقال السدي : أي من البعث . " ألا إنه بكل شيء محيط " أي أحاط علمه بكل شيء . قاله السدي . وقال الكلبي : أحاطت قدرته بكل شيء . وقال الخطابي : هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه ، وهو الذي أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا . وهذا الاسم أكثر ما يجيء في معرض الوعيد ، وحقيقته الإحاطة بكل شيء ، واستئصال المحاط به ، وأصله محيط نقلت حركة الياء إلى الحاء فسكنت . يقال منه : أحاط يحيط إحاطة وحيطة ، ومن ذلك حائط الدار ، يحوطها أهلها . وأحاطت الخيل بفلان : إذا أخذ مأخذا حاصرا من كل جهة ، ومنه قوله تعالى : " وأحيط بثمره " [ الكهف : 42 ] والله أعلم بصواب ذلك .
ولما لم يبق بعد هذا لمتعنت مقال ، ولا شبهة أصلاً لضال ، كان موضع المناداة على من استمر على عناده بقوله مؤكداً لادعائهم إنهم على جلية من أمرهم ، { ألا إنهم } أي الكفرة { في مرية } أي جحد وجدال وشك وضلال على العبث { من لقاء } وصرف القول إلى إضافة وصف الإحسان إليهم إشارة إلى أنه لا بد من كمال تربيتهم بالبعث لأنه أحكم الحاكمين فقال : { ربهم } أي المحسن إليهم بأن خلقهم ورزقهم للحساب والجزاء بالثواب والعقاب كما هو شأن كل حكيم فيمن تحت أمره .
ولما كانوا مظهرين الشك في القدرة على البعث ، قرره إيمانهم معترفون به من قدرته على كل شيء من البعث وغيره فقال : { ألا إنه } أي هذا المحسن إليهم { بكل شيء } أي من الأشياء جملها وتفاصيلها كلياتها وجزئياتها أصولها وفروعها غيبتها وشهادتها ملكها وملكوتها { محيط * } قدرة وعلماً من كثير الأشياء وقليلها كليها وجزئيها ، فعما قليل يجمعهم على الحق ويبدلهم بالمرية إذعاناً وبالشك يقيناً وبرهاناً ، فرحمته عامة لجميع أهل الوجود وخاصة لمن منَّ عليه بالإيمان الموصل إلى راحة الأمان ، فكيف يتصور في عقل أن يترك البعث ليوم الفصل الذي هو مدار الحكمة ، ومحط إظهار النعمة والنقمة ، وقد علم بذلك انطباق آخرها المادح للكتاب المقرر للبعث والحساب على أولها المفصل للقرآن المفيض لقسمي الرحمة : العامة والخاصة لأهل الأكوان ، على ما اقتضاه العدل والإحسان ، بالبشارة لأهل الإيمان ، والنذارة لأهل الطغيان - والله الهادي وعليه التكلان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.