كلا : زجر للإنسان عن ترفعه وتكبره .
لما يقض ما أمره : لم يفعل ما أمره الله به ، بل قصّر .
كلاّ . حرف ردع وزجر لهذا الإنسان الكافر ، أو المقصّر في القيام بحق الله عليه ، أي رغم هذه النعم في الخلق والتكوين والنشأة ، وإمداد الإنسان بما يعاونه في حياته مثل الأيدي والأرجل ، والسمع والبصر والعقل ، لكن الإنسان لم يشكر الله حق شكره ، فمن الناس من كفر بالله وبالكتب والرسل ، ومنهم من صدّق وقصّر في أداء الفرائض .
روى عن مجاهد وقتادة أن المراد أنه لم يقض جميع ما أمره الله به ، من أول زمان تكليفه إلى زمان إماتته وإقباره .
قوله تعالى : " كلا لما يقض ما أمره " قال مجاهد وقتادة : " لما يقض " : لا يقضي أحد ما أمر به . وكان ابن عباس يقول : " لما يقض ما أمره " لم يف بالميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم . ثم قيل : " كلا " ردع وزجر ، أي ليس الأمر : كما يقول الكافر ، فإن الكافر إذا أخبر بالنشور قال : " ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى " [ فصلت : 50 ] ربما يقول قد قضيت ما أمرت به . فقال : كلا لم يقض شيئا بل هو كافر بي وبرسولي . وقال الحسن : أي حقا لم يقض : أي لم يعمل بما أمر به . و " ما " في قوله : " لما " عماد للكلام ، كقوله تعالى : " فبما رحمة من الله " [ آل عمران : 159 ] وقول : " عما قليل ليصبحن نادمين " [ المؤمنون : 40 ] . وقال الإمام ابن فورَك : أي : كلا لما يقض الله لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان ، بل أمره بما لم يقض له . ابن الأنباري : الوقف على " كلا " قبيح ، والوقف على " أمره " و " نشره " جيد ، ف " كلا " على هذا بمعنى حقا .
ولما كان إخباره بأنه مع{[71710]} الذي يسر له السبيل قد يفهم أنه لا يعمل إلا بما يرضيه ، نفى ذلك على سبيل الردع فقال : { كلا } أي ليرتدع هذا الإنسان الذي عرف أن هذه حالاته أولاً وآخراً واثناءًا ومخرجاً تارة من مخرج البول وأخرى من مخرج الحيض ومقبراً ، ولينزجر{[71711]} وليعرف ، نفسه بالذلة والخسة والحاجة والعجز ، وليعرف ربه سبحانه بالعزة والعظمة والكبرياء والفناء والقدرة على تشريف الحقير وتحقير الشريف ، وبأنه سبحانه لا يلزمه شيء فلا يلزم من تعريف هذا الإنسان السبيل وتمييزه له أنه لا يفعل إلا ما لا يعاتب عليه ، فإنه لا يكون من-{[71712]} الإنسان وغيره إلا ما يريده ، وتارة يريد هداه ، وتارة يريد ضلاله ، فقد يأمر بما لا يريده ويريد ما لا يأمر به ولا يرضاه ، ولذلك قال مستأنفاً نفي ما أفهمه بتيسيره{[71713]} للسبيل من أن{[71714]} الإنسان يفعل جميع ما أمره به الله الذي يسر له السبيل : { لما يقض } أي يفعل الإنسان فعلاً نافذاً ماضياً { ما أمره * } أي به الله كله من غير تقصير ما من حين تكليفه إلى حين إقباره بل من حين وجد آدم عليه الصلاة والسلام إلى حين نزول هذه الآية وإلى آخر الدهر ، لأن الإنسان مبني-{[71715]} على النقصان والإله منزه التنزه الأكمل ، وما قدروا الله حق قدره ، وأيضاً الإنسان الذي هو النوع لم يعمل-{[71716]} بأسره بحيث لم يشذ منه فرد جميع ما أمره ، بل أغلب{[71717]} الجنس عصاه وكذب بالساعة التي هي حكمة الوجود ، وإن صدق{[71718]} بها بعضهم كان تصديقه بها تكذيباً لأنه يعتقد أشياء منها على خلاف ما هي عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.