مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَلَّا لَمَّا يَقۡضِ مَآ أَمَرَهُۥ} (23)

قوله تعالى : { كلا لما يقض ما أمره } . واعلم أن قوله { كلا } ردع للإنسان عن تكبره وترفعه ، أو عن كفره وإصراره على إنكار التوحيد ، وعلى إنكاره البعث والحشر والنشر ، وفي قوله : { لما يقض ما أمره } وجوه ( أحدها ) : قال مجاهد لا يقضي أحد جميع ما كان مفروضا عليه أبدا ، وهو إشارة إلى أن الإنسان لا ينفك عن تقصير البتة ، وهذا التفسير عندي فيه نظر ، لأن قوله : { لما يقض } الضمير فيه عائد إلى المذكور السابق ، وهو الإنسان في قوله : { قتل الإنسان ما أكفره } وليس المراد من الإنسان ههنا جميع الناس بل الإنسان الكافر فقوله : { لما يقض } كيف يمكن حمله على جميع الناس ( وثانيها ) : أن يكون المعنى أن الإنسان المترفع المتكبر لم يقض ما أمر به من ترك التكبر ، إذ المعنى أن ذلك الإنسان الكافر لما يقض ما أمر به من التأمل في دلائل الله ، والتدبر في عجائب خلقه وبينات حكمته ( وثالثها ) : قال الأستاذ أبو بكر بن فورك : كلا لم يقض الله لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان وترك التكبر بل أمره بما لم يقض له به .