قوله تعالى : { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } «كلاَّ » : ردعٌ للإنسان عن تكبُّره ، وترفعه ، وعن كفره ، وإصراره عن إنكار التوحيد ، وعلى إنكار البعث ، والحشر والنشر وقوله تعالى : { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } قال مجاهد وقتادة : لا يقضي أحدٌ جميع ما أمر به ، وهو إشارة إلى أن الإنسان لا ينفكُّ عن تقصير ألبتَّة{[59370]} .
قال ابن الخطيب{[59371]} : وعندي في هذا التفسير نظر ؛ لأن الضمير فيه عائد إلى المذكور السَّابق وهو الإنسان في قوله تعالى : { قُتِلَ الإنسان مَآ أَكْفَرَهُ } وليس المراد من الإنسان هنا : جميع الإنسان ، بل الإنسان الكافر ، فقوله تعالى : { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } ، كيف يمكن حمله على جميع الناس ؟ .
وقال ابن فورك : كلاَّ لما يقض الله ما أمره ، [ كلا لم يقض الله لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان وترك التكبر ، بل أمره بما لم يقض له به وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول لما يقض ما أمره ] : لم يبال بالميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم - عليه الصلاة والسلام - .
وقيل : المعنى : إن ذلك الإنسان الكافر لم يقض ما أمره به من التَّأمُّلِ في دلائل الله تعالى ، والتَّدبُّر في عجائب خلقه .
قوله : «ما أمره » ، «ما » : موصولة .
قال أبو البقاء{[59372]} : بمعنى «الذي » ، والعائد محذوف ، أي : ما أمره به .
قال شهابُ الدين{[59373]} : وفيه نظر ، من حيثُ إنَّه قدر العائد مجروراً بحرف لم يجر الموصول ، ولا أمره به ، فإن قلت : «أمر » يتعدى إليه بحذف الحرف ، فاقدره غير مجرور .
قلت : إذا قدرته غير مجرور فإمَّا أن تُقدِّره متصلاً أو منفصلاً ، وكلاهما مشكل ، لما تقدم في أول «البقرة » عند قوله تعالى : { وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [ البقرة : 3 ] .
وقال الحسن : «كلاَّ » معناه : «حقًّا » ، «لما يقض » : أي : لم يعمل بما أمره به{[59374]} .
قال القرطبي{[59375]} : و«ما » في قوله : «لما » عماد للكلام ، كقوله تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله } [ آل عمران : 159 ] ، وقوله تعالى : { عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } [ المؤمنون : 40 ] .
وقال ابن الأنباريِّ : الوقف على «كلاَّ » قبيح ، والوقف على «أمره » و «نشره » جيد ، ف «كلا » على هذا بمعنى حقًّا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.