تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

2- ألم يجعل كيدهم في تضليل .

الكيد : أمر يدبّر في الخفاء للإيقاع بالعدو .

والتضليل : الضياع والهزيمة .

والمعنى : ألم يجعل تدبيرهم وخروجهم بالجيش الكبير ، ومعه الفيلة ، لهدم الكعبة في ضلال وضياع وخسران ؟

وهو استفهام تقريري ، معناه : قد حصل ذلك بأن هزم أصحاب الفيل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

الكيد : المكر ، والخدعة .

تضليل : ضلّله تضليلا : أبطلَ مكره ، وجعل كيده ضائعا . وضلّ يضِل ضَلالاً وضلالة : خفيَ وغاب ، وهلك . ومنه { وَلاَ الضآلين } [ الفاتحة : 7 ] في سورة الفاتحة .

ألم يُهلكْهم الله ، ويجعلْ مكرهم باطلاً ، وسعيَهم خاسراً ، حيث دمّرهم وأفناهم !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

الذين كادوا بيته الحرام ، وأرادوا إخرابه ، فتجهزوا لأجل ذلك ، واستصحبوا معهم الفيلة لهدمه ، وجاءوا بجمع لا قبل للعرب به ، من الحبشة واليمن .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

قوله تعالى : { ألم يجعل كيدهم في تضليل } أي في إبطال وتضييع ؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشا بالقتل والسبي ، والبيت بالتخريب والهدم . فحكي عن عبد المطلب أنه بعث ابنه عبد الله على فرس له ، ينظر ما لقوا من تلك الطير ، فإذا القوم مشدخين جميعا ، فرجع يركض فرسه ، كاشفا عن فخذه ، فلما رأى ذلك أبوه قال : إن ابني هذا أفرس العرب . وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا . فلما دنا من ناديهم بحيث يسمعهم الصوت ، قالوا : ما وراءك ؟ قال : هلكوا جميعا . فخرج عبد المطلب وأصحابه ، فأخذوا أموالهم . وكانت أموال بني عبد المطلب منها ، وبها تكاملت رياسة عبد المطلب ؛ لأنه احتمل ما شاء من صفراء وبيضاء ، ثم خرج أهل مكة بعده ونهبوا . وقيل : إن عبد المطلب حفر حفرتين فملأهما من الذهب والجوهر ، ثم قال لأبي مسعود الثقفي -وكان خليلا لعبد المطلب - : اختر أيهما شئت ؟ ثم أصاب الناس من أموالهم حتى ضاقوا ذرعا ، فقال عبد المطلب عند ذلك :

أنت منعتَ الحُبْشَ{[16411]} والأفيالا *** وقد رعوا بمكة الأجبالا{[16412]}

وقد خشينا منهم القتالا *** وكل أمر لهم{[16413]} مِعْضَالاَ

شكرا وحمدا لك ذا الجَلاَلاَ{[16414]}

قال ابن إسحاق : ولما رد الله الحبشة عن مكة عظمت العرب قريشا ، وقالوا : هم{[16415]} : أهل الله ، قاتل الله عنهم ، وكفاهم مؤونة عدوهم . وقال عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، في قصة أصحاب الفيل :

أنت الجليلُ ربَّنَا لم تدنسِ *** أنت حبستَ الفيلَ بالمُغَمَّسِ

من بعد ما هم بشر مُبْلِس *** حبسته في هيئة المُكَرْكَسِ

وما لهم من فَرَجٍ ومنفس

والمكركس : المنكوس المطروح .


[16411]:الظاهر أنه جمع (أحبش) بوزن أحمر، وإن لم نطقوا به. قال في تاج العروس: كـأنه جمع أحبش (بوزن أحمر).
[16412]:في روح المعاني، "الأحبالا" بالحاء.
[16413]:في روح المعاني "منهم" بدل "لهم".
[16414]:كذا في نسخ الأصل وغيرها من المصادر.
[16415]:زيادة عن سيرة ابن هشام.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

ولما قرره بالكيفية تنبيهاً على ما فيها من وجوه الدلالة على مقدمات الرسالة ، أشار إلى تلك الوجوه مقدماً عليها تقريراً آخر جامعاً لقصتهم ومعلماً بغصتهم فقال : { ألم يجعل } أي بما له من الإحسان إلى العرب ، لا سيما قريش { كيدهم } أي في تعطيل الكعبة بتخريبها ، وبصرف الحج إلى كنيستهم على زعمهم ، وقد كان كيدهم عظيماً ، غلبوا به من ناوأهم من العرب { في تضليل * } أي مظروفاً لتضييع عما قصدوا له من نسخ الحج إلى الكعبة أولاً ، ومن هدمها ثانياً ، وإبطال ، وبعد عن السداد ، وإهمال ، بحيث صار بكونه مظروفاً لذلك ، معموراً به ، لا مخلص له منه ، وهذا مشير إلى أن كل من تعرض لشيء من حرمات الله -كبيت من بيوته ، أو ولي من أوليائه ، أو عالم من علماء الدين ، وإن كان مقصراً نوع تقصير - وقع في مكره ، وعاد عليه وبال شره : " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " ، وإلى أن من جاهر بالمعصية أسرع إليه الهلاك ، بخلاف من تستر ، وإلى أن الله تعالى يأتي من يريد عذابه من حيث لا يحتسب ، ليدوم الحذر منه ، ولا يؤمن مكره ، ولو كان الخصم أقل عباده ، لم يخطر للحبشة ما وقع لهم أصلاً ، ولا خطر لأحد سواهم أن طيوراً تقتل جيشاً دوّخ الأبطال ، ودانت له غلب الرجال ، يقوده ملك جبار كتيبته في السهل تمشي ، ورجله على القاذفات في رؤوس المناقب .