فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

{ ألم يجعل كيدهم } أي مكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة وهدمها واستباحة أهلها { في تضليل } أي في خسارة وهلاك عما قصدوا إليه ، حتى لم يصلوا إلى البيت ، ولا إلى ما أرادوا بكيدهم ، والهمزة للتقرير ، كأنه قيل : قد جعل كيدهم في تضليل .

والكيد هو إرادة المضرة بالغير ؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشا بالقتل والسبي ، ويكيدوا البيت الحرام بالتخريب والهدم .

قال ابن عباس : " أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب ، فقال لملكهم : ما جاء بكم إلينا ؟ ألا بعثت فنأتيك بكل شيء ، فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمن ، فجئت أخيف أهله ، فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد . فارجع ، فأبى إلا أن يدخله ، وانطلق يسير نحوه ، وتخلف عبد المطلب ، فقام على جبل فقال : لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ، فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طير أبابيل التي قال الله { ترميهم بحجارة من سجيل } فجعل الفيل يعج عجا { فجعلهم كعصف مأكول } {[1742]} أخرجه البيهقي وابن المنذر والحاكم وغيرهم ، وقصة أصحاب الفيل مبسوطة في كتب التفسير والتاريخ والسير ، فلا نطول بذكرها .


[1742]:ذكر أهل التفسير أن أبرهة لما سار بجنوده إلى الكعبة ليهدمها خرج معه بالفيل، فلما دنا من مكة أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس، فأصابوا إبلا لعبد المطلب، وبعث بعض جنوده، فقال: شب عن شريف مكة، وأخبره أني لم آت لقتال، وإنما جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب بن هاشم، فقال: إن الملك أرسلني إليك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت، ثم ينصرف عنكم، فقال عبد المطلب: ما له عندنا قتال، وما لنا به يد، إنا سنخلي بينه وبين ما جاء له، فإن هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام، فإن يمنعه، فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبين ذلك، فوالله ما لنا به قوة. قال: فانطلق معي إلى الملك، فلما دخل عبد المطلب على أبرهة أعظمه، وكرمه، ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك إلى الملك؟ فقال له الترجمان، فقال: حاجتي أن يرد عليّ بعير أصابها. فقال أبرهة لترجمانه:.....