الأعلام : واحدها علم ، وهو الجبل ، قالت الخنساء :
وإن صخرا لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار
32- { ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام } .
من دلائل قدرة الله تعالى تسخير هذا الكون لخدمة الإنسان ، فالسماء والأرض والفضاء والماء وغيرها ، أعدت إعدادا إلهيا لتيسير حياة الإنسان ، فالبحر تغرق فيه الأجسام الثقيلة ، ثم يلهم الله الإنسان صناعة السفن لتحمل الأثقال والمتاع والتجارة من بلد إلى بلد ، فيعم العمران وتنتعش الزراعة والصناعة والتجارة .
ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخير البحر لتجري فيه الفلك بأمره ، { كالأعلام } . أي : كالجبال ، أي هذه في البحر كالجبال في البر .
{ 32-35 } { وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ * وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ }
أي : ومن أدلة رحمته وعنايته بعباده { الْجَوَار فِي الْبَحْرِ } من السفن ، والمراكب النارية والشراعية ، التي من عظمها { كَالْأَعْلَامِ } وهي الجبال الكبار ، التي سخر لها البحر العجاج ، وحفظها من التطام الأمواج ، وجعلها تحملكم وتحمل أمتعتكم الكثيرة إلى البلدان والأقطار البعيدة ، وسخر لها من الأسباب ما كان معونة على ذلك .
ولما دل سبحانه على تمام قدرته واختياره وختم بنفي الشريك اللازم للوحدانية التي اعتقادها أساس الأعمال الصالحة ، دل عليها بأعظم الآيات عندهم وأوضحها في أنفسهم وأقربها إلى إفهامهم لما لهم من الإخلاص عندها فقال تعالى : { ومن آياته } أي الدالة على تمام قدرته واختياره ووحدانيته وعظيم سلطانه تسخيره وتذليله لسير الفلك فيه حاملة ما لا يحمله غيرها ، وهو معنى قوله : { الجوار } أي من السفن ، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأعلام ، ودل على الموصوف ما بعده فلذلك حذف لأن القاعدة أن الصفة إذا لم تخص الموصوف امتنع حذفه فنقول : مررت بمهندس ، ولا تقول : مررت بماشٍ - إلا بقرينة كما هنا .
ولما كانت ثقيلة في أنفسها ، وكان يوضع فيها من الأحمال ما يثقل الجبال ، وكان كل ثقيل ليس له من ذاته إلا الغوص في الماء ، كانت كأنها فيه لا عليه لأنها جديرة بالغرق فقال تعالى محذراً من سطواته متعرفاً بجليل نعمته معرفاً بحقيقة الجواري : { في البحر كالأعلام * } أي الجبال الشاهقة بما لها من العلو في نفسها عن الماء ثم بما يوصلها وما فيه من الشراع عليها من الارتفاع ، وقال الخليل : كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.