تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِ ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (53)

{ وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون . }

المفردات :

العمي : من أصابهم العمى ، وهو ذهاب البصر كله والعمى أيضا ذهاب بصر القلب ، والمفرد : أعمى .

بآياتنا : القرآن .

مسلمون : مخلصون منقادون لما تأمرهم به .

التفسير :

ليس في وسعك أن تهدي من عميت بصيرته واختار الضلال على الهدى إنما أنت نذير والله على كل شيء قدير فهو سبحانه الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وليس ذلك لأحد سواه .

{ إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مبلسون . }

أي : لا تسمع السماع الذي ينتفع به سامعه فيتأمل ويتدبر ويتأثر بما يسمع إلا من آمن بالقرآن فلان قلبه وزاد يقينه وتوكل على الله وأسلم وجهه إلى الله فهو خاضع لأمر الله مستمسك بهديه .

قال تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه . . . } ( الزمر : 22 ) .

" إن المؤمن هو الذي يسمع دعوة الإسلام فيستجيب لهداية السماء وينضم إلى جماعة المؤمنين وهؤلاء قلوبهم حية ، وبصائرهم مفتوحة وإدراكهم سليم فهم يسمعون فيسلمون ولا تزيد الدعوة على أن تنبه فطرتهم فتستجيب " . xix

/خ53

***

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِ ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (53)

" إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا " أي لا تسمع مواعظ الله إلا المؤمنين الذين يصغون إلى أدلة التوحيد وخلقت لهم الهداية . وقد مضى هذا في " النمل " {[12536]} ووقع قوله " بهاد العمي " هنا بغير ياء .


[12536]:راجع ج 13 ص 233.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِ ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (53)

قوله : { وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ } أي لا تستطيع أن تسدد إلى صواب المحجة من أعماه الله فضل عن سبيله وسلك سبيل الباطل . وهذه حقيقة الكافرين الذين يجحدون الحق ويحادّون الله ورسوله ويكذبون بمنهج الإسلام ويتصدون له بالمكائد والدسائس والمؤامرات والتشكيك أولئك المجرمون بور قد عموا عن رؤية الحق رؤية استبصار وتدبر ، وصَموا عنه صمم الشاردين المستكبرين الموغلين في اللجاجة والعناد . أولئك جميعا لا يستطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهديهم إلى الحق ، فيهتدوا ، أو يرشدهم إلى محجة الإسلام فيرشدوا . وكذلك لا يستطيع الداعون إلى منهج الإسلام في كل زمان ومكان أن يحملوا المكابرين والمعاندين من الجاحدين على القناعة والتصديق ؛ لأن هؤلاء أولوا أذهان وإرادات وهمم مسلوبة ، فما يجنحون بعد ذلك إلا للهوى والفسق والباطل .

وعلى هذا ، فإنه حقيق بالمؤمنين الداعين إلى منهج الإسلام في كل زمان أن يجتهدوا في دعوة الطيبين من الناس ، أولي الفطر السوية والطبائع السليمة ؛ أولئك المبرأون من الخلل والعيوب النفسية والفطرية ، لا جرم أن هؤلاء المبرأين من عيوب النفس وأمراضها مهيأون وحدهم لاستقبال العقيدة الإسلامية ، وتدبر التعاليم والمعاني التي جاء بها هذا الدين الحنيف .

قوله : { إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } أي لا تُسمع يا محمد سماع تصديق وتدبُّر إلا الذين آمنوا بآياتنا ؛ فهؤلاء مصدقون موقنون أن الذي جئتهم به حق ؛ فهم يبادرون السماع والانتفاع بخير ما يسمعون ؛ لأنهم مستسلمون لأمر الله ، مذعنون له بالخضوع والطاعة .

أما غلاظ الطبائع ، قساة القلوب من المعاندين العتاة فإنهم لا يستجيبون لدعوتك لهم ، ولا يصيخون لندائك إياهم بأنهم أشرار قد فسدت فيهم الفطرة وجنحت فيهم الطبائع والعقول .