فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِ ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (53)

{ وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم } يقول تعالى ذكره : وما أنت يا محمد بمسدد من أعماه الله عن الاستقامة ، ومحجة الحق ، فلم يوفقه لإصابة الرشد ، فصارفه عن ضلالته التي هو عليها ، وركوبه الجائر من الطرق إلى سبيل الرشاد ، يقول : ليس ذلك بيدك ولا إليك ، ولا يقدر على ذلك أحد غيري لأني القادر على كل شيء . . وما أنت بمانعهم من ضلالتهم ، وقوله : { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا } يقول- تعالى ذكره- لنبيه : ما تسمع السماع الذي ينتفع به سماعه فيعقله إلا من يؤمن بآياتنا ، لأن الذي يؤمن بآياتنا إذا سمع كتاب الله تدبره وفهمه وعقله ، وعمل بما فيه ، وانتهى إلى حدود الله الذي حد فيه ، فهو الذي يسمع السماع النافع ، وقوله : { فهم مسلمون } يقول : فهم خاضعون لله بطاعته ، متدللون لمواعظ كتابه . اه ، وبعد هذه الآيات الكونية والقرآنية التي تزيد اليقين في جلال المولى الكبير المتعال ، وفي قدرته على إحياء من في القبور ، وعلى البعث والنشور ، وعلى الحساب و الثواب بينت هذه الآية الكريمة برهانا من الأنفس بعد براهين الكون والآفاق .