{ أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } .
مرت البشرية بمرحلة الطفولة ثم بمراحل النمو ، ونزلت معجزات مادية كناقة صالح ، وعصا موسى ومائدة عيسى ، وكانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة عامة للناس أجمعين فأراد الله أن تكون معجزة هذه الرسالة ، معجزة خالدة بخلاف المعجزات السابقة ، فناقة صالح لم يشاهدها إلا الجيل الذي شاهد حياة صالح ، وعصا موسى لم يشاهدها إلا الجيل الذي عاصر موسى ، ومائدة عيسى لم يشاهدها إلا الجيل الذي شاهد حياة عيسى ، أما القرآن الكريم فقد اشتمل على صنوف البيان وأخبار التاريخ ، وآيات التشريع وألوان الهداية ، وهو يقرأ ويحفظ عن ظهر قلب وقد تكفل الله بحفظه لتشاهده الأجيال السابقة واللاحقة .
والمعنى : أقصر هذا الكتاب فلم يوضع لهم حقيقة الرسالة المحمدية المشتملة على التوحيد والإيمان بالرسل والكتب واتباع الفرائض واجتناب المنهيات .
أو لم يكفهم هذا القرآن المعجز ، المبين الحكيم الصادق دليلا على صدق محمد وآية عقلية خالدة ومعجزة مستمرة ، حيث يقرأ هذا القرآن صباح مساء وفيه ألوان الهداية والتوضيح قال تعالى : { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون } . ( الأنبياء : 1 ) .
{ إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } .
أي في هذا القرآن الكريم الذي تعم معجزته الزمان والمكان لنعمة عظيمة ، وتذكرة بالغة لقوم يطلبون الإيمان ويحرصون على تحصيله .
قوله تعالى : " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم " هذا جواب لقولهم " لولا أنزل عليه آيات من ربه " أي أو لم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ولوا أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا : سحر ونحن لا نعرف السحر ، والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة ، وقيل : إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جحدة قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيه كتاب فقال ( كفى بقوم ضلالة أن يرغبون عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم ) فأنزل الله تعالى : " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب " أخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده ، وذكره أهل التفسير في كتبهم ، وفي مثل هذا قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : ( لو كان موسى بن عمران حيا لما وسعه إلا اتباعي ) وفي مثله قال صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) أي يستغني به عن غيره ، وهذا تأويل البخاري رحمه الله في الآية ، وإذا كان لقاء ربه بكل حرف عشر حسنات فأكثر على ما ذكرناه في مقدمة الكتاب فالرغبة عنه إلى غيره ضلال وخسران وغبن ونقصان . " إن في ذلك " أي في القرآن " لرحمة " في الدنيا والآخرة وقيل : رحمة في الدنيا باستنفاذهم من الضلالة " وذكرى " لرحمة في الدنيا بإرشادهم به إلى الحق " لقوم يؤمنون " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.