تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

29

{ ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير }

التفسير :

ما تراه من أثر القدرة الإلهية في الخلق والمراقبة والإيجاد والعدم ، واختصاص البارئ سبحانه وحده بذلك ثابت بسبب أن الله وحده هو المتحقق في ذاته وفي جميع صفاته والكمالات اللائقة بربوبيته فهو سبحانه الحقيقة الأبدية هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم هو سبحانه حي لا يموت والجن والإنس يموتون وكل ما نراه متغير وفان والله وحده الدائم الباقي .

قال تعالى : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . ( الرحمن : 26-27 ) .

فما يعبده الناس من أصنام وأبقار وأشجار وآلهة متعددة باطل ليس له حقيقة الألوهية فلا إله إلا الله وأن الله سبحانه هو العلي الكبير المتعالي على جميع الأشياء الكبير عن أن يتصف بنقص أو أن يكون له شريك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

و { ذَلِكَ } الذي بين لكم من عظمته وصفاته ، ما بيَّن { بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } في ذاته وفي صفاته ، ودينه حق ، ورسله حق ، ووعده حق ، ووعيده حق ، وعبادته هي الحق .

{ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ } في ذاته وصفاته ، فلولا إيجاد اللّه له لما وجد ، ولولا إمداده لَمَا بَقِيَ ، فإذا كان باطلا ، كانت عبادته أبطل وأبطل .

{ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ } بذاته ، فوق جميع مخلوقاته ، الذي علت صفاته ، أن يقاس بها صفات أحد من الخلق ، وعلا على الخلق فقهرهم { الْكَبِيرُ } الذي له الكبرياء في ذاته وصفاته ، وله الكبرياء في قلوب أهل السماء والأرض .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (30)

ولما ثبت{[54219]} بهذه الأوصاف الحسنى والأفعال العلى أنه لا موجد بالحقيقة إلا الله قال : { ذلك } أي ذكره لما من الأفعال الهائلة والأوصاف{[54220]} الباهرة { بأن } أي{[54221]} بسبب أن { الله } أي{[54222]} الذي لا عظيم سواه { هو } وحده { الحق } أي الثابت بالحقيقة وثبوت غيره في الواقع عدم ، لأنه مستفاد من الغير ، وليس له الثبوت من ذاته{[54223]} ، ومنه ما أشركوا به ، ولذلك أفرده بالنص ، فقال صارفاً للخطاب الماضي إلى الغيبة على قراءة البصريين{[54224]} وحمزة وحفص عن عاصم إيذاناً بالغضب ، وقراءة الباقين على الأسلوب الماضي { وأنَّ ما يدعون } أي هؤلاء المختوم على مداركهم ، وأشار إلى سفول رتبتهم بقوله : { من دونه } .

ولما تقدمت الأدلة الكثيرة على بطلان آلهتهم بما لا مزيد عليه ، كقوله { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه } {[54225]}وأكثر هنا من إظهار الجلالة موضع الإضمار تنبيهاً على عظيم المقام{[54226]} لم تدع حاجة إلى التأكيد بضمير الفصل فقال : { الباطل } أي العدم حقاً ، لا يستحق أن تضاف إليه الإلهية بوجه من الوجوه ، وإلا لمنع من{[54227]} شيء من هذه الأفعال مرة من المرات ، فلما وجدت على هذا النظام علم أنه الواحد الذي لا مكافئ له .

ولما كانوا يعلونها عن مراتبها ويكبرونها بغير حق ، قال : { وأن الله } أي الملك الأعظم{[54228]} وحده ، ولما كان النيران مما عبد من دون الله ، وكانا قد جمعاً {[54229]}علواً وكبراً{[54230]} ، وكان ليس لهما من ذاتهما{[54231]} إلا العدم فضلاً عن السفول والصغر ، ختم بقوله : { هو العلي الكبير } أي عن أن يداينه في عليائه ضد ، أو يباريه{[54232]} في كبريائه ند .


[54219]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أثبت.
[54220]:من مد، وفي الأصل وظ وم: الإفاضات.
[54221]:زيد من ظ وم ومد.
[54222]:زيد من ظ وم ومد.
[54223]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: دابه.
[54224]:راجع نثر المرجان 5/340.
[54225]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54226]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54227]:زيد من ظ وم ومد.
[54228]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54229]:من مد، وفي الأصل وظ وم: كبرا وعلوا.
[54230]:من مد، وفي الأصل وظ وم: كبرا وعلوا.
[54231]:في ظ: ذاتهم.
[54232]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: يقاربه.