تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَمۡ خَلَقۡنَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِنَٰثٗا وَهُمۡ شَٰهِدُونَ} (150)

149

150- { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } .

إضراب وانتقال من التبكيت بالسؤال الأول ، إلى التبكيت بهذا .

أي : بل أخلقنا الملائكة إناثا ، وهم شاهدون لخلقهم ؟ فإن هذه الأمور الغيبية لا تعلم إلا بالمشاهدة ، وهو هنا يناقشهم بمقتضى قولهم وأفكارهم البعيدة عن الحق والواقع ، حيث ارتكبوا ثلاثة أنواع من الكفر :

أحدها : التجسيم لأن الولادة مختصة بالأجسام .

الثاني : تفضيل أنفسهم على ربّهم ، حيث جعلوا أقل الجنسين في نظرهم له ، وأرفعها لهم .

قال تعالى : { وإذا بشر أحدكم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم * أو من ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين } . [ الزخرف : 17 ، 18 ] .

الثالث : أنهم استهانوا بالملائكة ، وهم عباد مكرمون ، حيث حكموا عليهم بالأنوثة ، ولو قيل لأحدهم : فيك أنوثة ، غضب وثار لكرامته ، وليس لقائله ثوب النمر .

قال تعالى : { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون } . [ الزخرف : 19 ] .

والمقصود أنهم لم يشهدوا خلق الملائكة حتى يكون قولهم هذا عن بينة ويقين .