تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلۡخِزۡيَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (26)

المفردات :

الخزي : المسخ والذلّ والإهانة .

لو كانوا يعلمون : لو كانوا يعلمون ذلك ما كذبوا ولا كفروا .

التفسير :

26-{ فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } .

من شأن القرآن أن يعرض عذاب الآخرة مشاهدا ، كأنما يراه الإنسان واقعا أمامه ليتّعظ ويعتبر ، وهنا يقول : لقد ذاق الكفار ألوان العذاب في الدنيا .

قال تعالى : { فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا . . . } ( العنكبوت : 40 ) .

لقد أصابهم العذاب المادّي ، وأذاقهم مع ذلك الخزي والهوان والذل في الحياة الدنيا ؛ حيث أصبحوا مثلا وعبرة يعتبر بها في الدنيا ، وفي الآخرة عذاب أكبر ، وأهوال جسام ، حيث يجدون في النار ألوان العذاب والهوان والقهر والإذلال .

{ لو كانوا يعلمون } . ذلك علما يقينا ما كذّبوا ولا كفروا ، أو لو كان من شأنهم أن يعلموا شيئا لعلموا ذلك واعتبروا به .

قال الفخر الرازي :

{ ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } .

يعني أن أولئك ، وإن نزل عليهم العذاب والخزي كما تقدم ذكره ، فالعذاب المدّخر لهم في يوم القيامة أكبر وأعظم من ذلك الذي وقع ، والمقصود من كل ذلك التخويف والترهيب {[596]} .


[596]:التفسير الكبير للفخر الرازي، مجلد 9 ص 499، مطبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان.