تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ذَٰلِكَ أَمۡرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُۥٓ إِلَيۡكُمۡۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُعۡظِمۡ لَهُۥٓ أَجۡرًا} (5)

4

المفردات :

يكفر عنه سيئاته : يغفرها له .

يعظم له أجرا : بالمضاعفة .

التفسير :

5- { ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا } .

هذه أوامر الله وتشريعاته ، أنزلها إليكم في حكم المطلقات والمعتدات ، فراقبوا الله مراقبة عامة ، وراقبوه في تنفيذ أحكام المطلقات مراقبة خاصة ، ومن يتق الله ويراقبه ، ويتحصن بتقوى الله وخشيته ، يغفر له ذنوبه ، ويضاعف له الثواب والأجر .

وقد أورد في ظلال القرآن كلاما طويلا جميلا ، خلاصته عناية الإسلام بالأسرة وبالزواج ، وبتزويج الفقراء والتعاون معهم ، واعتبار الزواج ميثاق غليظا ، وحثّه على المحافظة على الزواج ، وعدم التَّسرع في فصم العلاقة الزوجية ، حيث قال تعالى : { وعاشروهنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } . ( النساء : 19 ) .

ثم أمرنا عند النشوز أو الإعراض من أحد الزوجين بدراسة الحالة ، واستماع وجهة النظر الأخرى ، ومحاولة الصلح بالجهود الذاتية ، فإذا تعسَّر ذلك على الزوجين ، وخيف اتّساع النزاع ، وجب أن نختار حكمين من أهل العقل والحكمة لدراسة الحالة ومحاولة الصلح .

فإذا تعسَّرت كل الطرق لم يبق أمامنا إلا الطلاق بشروطه وآدابه المذكورة في صدر سورة الطلاق ، وكلها شروط تقصد إلى هدوء النفس ، والتريث والانتظار رجاء الرجوع والعدول عن الطلاق ، والعودة إلى نظام الأسرة وتعاون الزوجين .

ونلاحظ أنّ سورة الطلاق حافلة بمؤثرات متعددة تحث على تقوى الله والتوكل عليه ، وتحذر من الظلم والعدوان ، ذلك لأن المطلِّق والمطلَّقة ربما حملهما الطلاق على كيد أحدهما للآخر أو ظلمه ، فحذّر الله من الظلم والعدوان ، وحث على التقوى ومراقبة الله ، والعشرة بالمعروف أو الفرقة بالمعروف .

وهي آداب سامية تعتز بها أمة الإسلام ، ويعتز بها المسلم الذي يجد في كتاب ربه أبواب السعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة .

قال الضحاك : من يتق الله في طلاق السنّة ، يجعل له من أمره يسرا في الرجعة .