السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (40)

وقوله : { إلا عبادك منهم المخلصين } قرأه ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسر اللام ، أي : الذين أخلصوا دينك عن الشوائب وقرأه الباقون بفتحها ، أي : الذين أخلصهم الله تعالى بالهداية وإنما استثنى إبليس المخلصين لأنه علم أنّ كيده لا يعمل فيهم ولا يقبلون منه . وقال الرازي : والذي حمله على هذا الاستثناء أنه لا يصير كاذباً في دعواه فلما احترز إبليس عن الكذب علمنا أنّ الكذب في غاية الخساسة .

تنبيه : قال رويم : الإخلاص في العمل هو أن لا يريد صاحبه عنه عوضاً من الدارين ولا عوضاً من الملكين . وقال الجنيد : الإخلاص سر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله . وذكر القشيري وغيره عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : «سألت جبريل عليه السلام عن الإخلاص ما هو ؟ قال : سألت رب العزة عن الإخلاص ما هو ؟ قال : سرّ استودعته قلب من أحب من عبادي » .

ولما ذكر إبليس أنه يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه وتضمن هذا الكلام تفويض الأمور إلى الله تعالى وإلى إرادته .