تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (40)

الآية 40 : وقوله تعالى : { قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } { إلا عبادك منهم المخلصين } يحتمل أن يكون منه عزم على ما ذكر دون إن يتفوه بذلك . فأخبره عز وجل عما كان عزم من الإغواء وغيره بالقول ، وذلك جائز ، يخبر عن العزم والقصد كقوله : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا } ( الدهر : 9 ) لا يحتمل أن يكون هذا القول الذي أخبر عنهم قولا منهم ، لأنه لا أحد من المتصدقين يقول بمثل ذلك عند التصدق ، لكنه إخبار عما قصدوا ، وعزموا ، بالتصدق . فعلى ذلك يشبه أن يكون هذا من الله إخبارا عما عزم إبليس ، وقصد ، على غير التفوه به والقول ، وهو ما ذكر ، والله أعلم { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } ( المائدة و : 99 ، والنور : 29 ) أخبر أنهم كتموا فيه ، وأضمروا .

ويحتمل أن يكون على التفوه بما ذكر لما قال له عز وجل ، { وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين } ( الحجر : 35 ) لما شهد الله عليه باللعن إلى يوم الدين أيس لعنه الله عن الهدى ، فقال : { رب بما أغويتني } لعنتني ، وشهدت علي بذلك { لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } { إلا عبادك منهم المخلصين } ( المخلص ){[9872]} بنصب اللام هو الذي أخلصه الله ، وحفظه ، وعصمه ، واختصه بذلك ، والمخلصون {[9873]} : لا يقال إلا بعد أن يكون لله فيهم صنع ، ولهم اختصاص وفضائل ، اختصهم [ الله بذلك برحمته ]{[9874]} وفضله .

[ والمخلص{[9875]} بخفض اللام هو الذي أخلص له الاعتقاد والعمل والدعاء ]{[9876]} .

والمعتزلة يقولون : لا يستوجب أحد الاختصاص والفضيلة إلا بفعل يكون منه ، لا يستوجب بالله . يقولون : الله لا يغوي أحدا إلا إبليس ولا واحدا من أتباعه . فإبليس أعرف بالله من المعتزلة [ حين رأى ]{[9877]} أن الله لا يغوي أحدا ، ولا يختص أحدا إلا بصنع يكون منه .


[9872]:في م، والمخلص، مدرجة بعد الدعاء، ساقطة من الأصل.
[9873]:في الأصل وم: والمخلص.
[9874]:في الأصل وم: بذلك رحمة الله.
[9875]:في م: المخلص.
[9876]:من م، ساقطة من الأصل، انظر معجم القراءات ج 3 / 254.
[9877]:في الأصل وم: حيث رأوا،