{ واصنع الفلك } ملتبساً { بِأَعْيُنِنَا } أي بحفظنا وكلاءتِنا كأن معه من الله عز وجل حُفّاظاً وحرّاساً يكلؤنه بأعينهم من التعدّي من الكفرة ومن الزيغ في الصنعة { وَوَحْيِنَا } إليك كيف تصنعُها وتعليمِنا وإلهامِنا . عن ابن عباس رضي الله عنهما لم يعلمْ كيف صنعةُ الفُلك ، فأوحى الله تعالى إليه أن يصنعَها مثلَ جُؤجُؤ{[408]} الطائر ، والأمرُ للوجوب إذ لا سبيل إلى صيانة الروحِ من الغرق إلا به فيجب كوجوبها ، واللامُ إما للعهد بأن يُحملَ على أن هذا مسبوقٌ بوحي الله تعالى إليه عليه السلام أنه سيهلكهم بالغرق وينجّيه ومَنْ معه بشيء سيصنعه بأمره تعالى ووحيِه ، مِنْ شأنه كيتَ وكيت واسمُه كذا ، وإما للجنس . قيل : صنعها عليه الصلاة والسلام في سنتين ، وقيل : في أربعمائة سنة ، وكانت من خشب الساج وجُعلت ثلاثةَ بطونٍ حُمل في البطن الأول الوحوشُ والسباعُ والهوامُّ ، وفي البطن الأوسطِ الدوابُّ والأنعام ، وفي البطن الأعلى جنسُ البشر هو ومَنْ معه مع ما يحتاجون إليه من الزاد ، وحَمل معه جسدَ آدمَ عليه الصلاة والسلام ، وقيل : جَعل في الأول الدوابَّ والوحوشَ وفي الثاني الإنسَ وفي الأعلى الطيرَ ، قيل : كان طولُها ثلاثمائة ذراعٍ وعَرْضُها خمسين ذراعاً وسَمْكُها ثلاثين ذراعاً .
وقال الحسنُ : كان طولُها ألفاً ومائتي ذراعٍ وعَرضُها ستَّمائةِ ذراعٍ . وقيل : إن الحَواريين قالوا لعيسى عليه الصلاة والسلام : لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينةَ يحدثنا عنها ، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفاً من ذلك الترابِ فقال : أتدرون مَنْ هذا ؟ قالوا : الله ورسولُه أعلم ، قال هذا كعبُ بنُ حام قال : فضرب بعصاه فقال : قم بإذن الله فإذا هو قائمٌ ينفض التراب عن رأسه وقد شاب ، فقال له عيسى عليه الصلاة والسلام : أهكذا هلكْتَ ؟ قال : لا ، متُّ وأنا شابٌّ ولكني ظننتُ أنها الساعة فمِنْ ثَمَّةَ شِبْتُ ، فقال : حدثنا عن سفينة نوحٍ ، قال : كان طولُها ألفاً ومائتي ذراعٍ وعَرضُها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاثَ طبقاتٍ طبقةٌ للدواب والوحش وطبقةٌ للإنس وطبقةٌ للطير ، ثم قال : عُدْ بإذن الله تعالى كما كنت فعاد تراباً .
{ وَلاَ تخاطبني في الذين ظَلَمُواْ } أي لا تراجِعْني فيهم ولا تدعُني ياستدفاع العذابِ عنهم وفيه من المبالغة ما ليس فيما لو قيل : ولا تدعُني فيهم ، وحيث كان فيه ما يلوح بالسبيبة أُكّد التعليلُ فقيل : { إِنَّهُمْ مغْرَقُونَ } أي محكومٌ عليهم بالإغراق قد مضى به القضاءُ وجفّ القلمُ فلا سبيل إلى كفه ولزِمتْهم الحُجةُ فلم يبقَ إلا أن يُجعلوا عِبرةً للمعتبرين ومثلاً للآخرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.