جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِّيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { لّيَجْزِيَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أُوْلََئِكَ لَهُمْ مّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : أثبت ذلك في الكتاب المبين ، كي يثيب الذين آمنوا بالله ورسوله ، وعملوا بما أمرهم الله ورسوله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه على طاعتهم ربهم أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ يقول جلّ ثناؤه : لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، مغفرة مِن رَبهم لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ يقول : وعيش هنيء يوم القيامة في الجنة ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ في الجنة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (4)

لام التعليل تتعلق بفعل { لتأتينكم } [ سبأ : 3 ] دون تقييد الإِتيان بخصوص المخاطبين بل المراد من شملهم وغيرهم لأن جزاء الذين آمنوا لا علاقة له بالمخاطبين فكأنه قيل : لتأتين الساعة ليجزَى الذين آمنوا ويجزَى الذين سعوا في آياتنا معاجزين ، وهم المخاطبون ، وضمير « يجزي » عائد إلى { عالمُ الغيب } [ سبأ : 3 ] .

والمعنى : أن الحكمة في إيجاد الساعة للبعث والحشر هي جزاء الصالحين على صلاح اعتقادهم وأعمالهم ، أي جزاءً صالحاً مماثلاً ، وجزاء المفسدين جزاء سيئاً ، وعُلم نوع الجزاء من وصف الفريقين من أصحابه .

والإِتيان باسم الإِشارة لكل فريق للتنبيه على أن المشار إليه جدير بما سيرد بعد اسم الإِشارة من الحكم لأجْل ما قبل اسم الإِشارة من الأوصاف .

فجملة { أولئك لهم مغفرة } ابتدائية معترضة بين المتعاطفين .

وجملة { أولئك لهم عذاب من رجز } ابتدائية أيضاً .