قوله : «لِيَجْزِيَ » فيه أوجه :
أحدها : أنه متعلق{[44074]} ( بلا ) وقال أبو البقاء و ( يعزب ){[44075]} بمعنى لا يعزب أي يُحْصِي ذلك ليجزي{[44076]} . وهو حسن . أو بقوله : «ليأتِيَنًّكُمْ » أو بالعامل في قوله : «إلاَّ فِي كَتَابٍ » أي إلا استقر ذلك «في كتاب مبين » لِيَجْزِيَ{[44077]} .
اعلم أنه تعالى ذكر منهم أمرين الإيمانَ والعملَ الصالح وذكر لهم أمرين المغفرةَ والرِّزْقَ الكريم فالمغفرة جزاء الإيمان فكل مؤمن مغفور له لقوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 116 ] وقوله عليه ( الصلاة و ){[44078]} السلام :
«يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إله إلاَّ اللَّهَ ومَنْ ( في ){[44079]} قَلْبِهِ وزنُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمانٍ{[44080]} » .
والرزق الكريم مرتب على العمل الصالح وهذا مناسب فإن من عمل لسيد كريم عملاً فعند فراغه من العمل لا بدّ وأن ينعم عليه . وتقدم وصف الرزق بالكريم أنه{[44081]} بمعنى ذَا كرم أو مُكْرِم أو لأنه من غير طلب بخلاف رزق الدنيا فإنه إن لم يُطْلَبْ ويتسبب إليه لا يأتي{[44082]} .
فإن قيل : ما الحكمة في تَمييزِهِ الرزق بوصفه بأنّه كريمٌ ولم يضف المغفرة ؟
فالجواب : لأنَّ المغفرة واحدة وهي للمؤمنين وأما الرزق فمنه شجرة الزَّقّوم والحَميم ومنه الفواكهُ والشَّرَاب الطهور فميز الرزق لحصول الانقسام فيه ولم يميز المغفرة لعدم الانْقِسَام فيها{[44083]} .
قوله : { أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك لهم جزاء فيوصله إليه لقوله : «ليَجْزِي الَّذِينَ آمَنُوا » .
وثانيهما : أن يكون ذلك لهم واللَّهُ يجزيهم بشيء آخر لأن قوله : «أُولَئكَ لَهُمْ » جُملة ( تامة اسمية{[44084]} ، وقوله تعالى : «لِيَجْزيَ الَّذِينَ آمَنُوا » جملة ) فعلية مستقلة وهذا أبلغ في البشارة من قول القائل : لِيَجْزِيَ الَّذين آمنوا وعملوا الصالحات رزقاً{[44085]} » .
اللام في «ليجزي » للتعليل ومعناه الآخرة للجزاء .
فالجواب : أن الله تعالى أراد أن لا يقطع ثوابه فجعل للمكلف داراً باقيةً تكون ثوابه واصلاً إليه فيها دائماً أبداً وجعل قبلها داراً فيها الآلام والأسقام وفيها الموت ليعلم المكلف مقدار ما يكون فيه في الآخرة إذا نسبه{[44086]} إلى ما قبله{[44087]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.