جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىَ وَحُسْنَ مَآبٍ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : فَغَفَرْنا لَهُ ذلكَ فعفونا عنه ، وصفحنا له عن أن نؤاخذه بخطيئته وذنبه ذلك وإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى يقول : وإن له عندنا لَلْقُرْبة منا يوم القيامة . وبنحو الذي قلنا في قوله : فَغَفَرْنا لَهُ ذلكَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَغَفَرْنا لَهُ ذَلكَ الذنب .

وقوله : ( وَحُسْنِ مآبٍ ) : يقول : مَرْجع ومنقَلَب ينقلب إليه يوم القيامة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَحُسْن مآبٍ ) : أي حسن مصير .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : ( وَحُسْنَ مآبٍ ) : قال : حسن المنقَلب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

واسم الإِشارة في قوله : { فغفرنا له ذلك } إلى ما دلت عليه خصومة الخصمين من تمثيل ما فعله داود بصورة قضية الخصمين ، وهذا من لطائف القرآن إذ طوى القصة التي تمثَّل له فيها الخصمان ثم أشار إلى المطوي باسم الإِشارة ، وأتبع الله الخبر عن الغفران له بما هو أرفع درجة وهو أنه من المقرّبين عند الله المرضيّ عنهم وأنه لم يوقف به عند حد الغفران لا غير . والزلفى : القربى ، وهو مصدر أو اسم مصدر . وتأكيد الخبر لإِزالة توهم أن الله غضب عليه إذ فتنه تنزيلاً لمقام الاستغراب منزلة مقام الإِنكار .

والمئاب : مصدر ميمي بمعنى الأوْب . وهو الرجوع . والمراد به : الرجوع إلى الآخرة . وسمي رجوعاً لأنه رجوع إلى الله ، أي إلى حكمة البحْت ظاهراً وباطناً قال تعالى : { إليه أدعو وإليه مئاب } [ الرعد : 36 ] .

وحسن المئاب : حسن المرجع ، وهو أن يرجع رجوعاً حسناً عند نفسه وفي مرأى الناس ، أي له حسن رجوع عندنا وهو كرامة عند الله يوم الجزاء ، أي الجنة يؤوب إليها .