جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَآءِ مَا فِيهِ مُزۡدَجَرٌ} (4)

وقوله : وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ يقول تعالى ذكره : ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا بآيات الله ، واتبعوا أهواءهم من الأخبار عن الأمم السالفة ، الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه ، وأحلّ الله بهم من عقوباته ما قصّ في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر ، يعني : ما يردعهم ، ويزجرهم عما هم عليه مقيمون ، من التكذيب بآيات الله ، وهو مُفْتَعَلٌ من الزّجْر . وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : مُزْدَجَرٌ قال : مُنْتَهى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ : أي هذا القرآن .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ قال : المزدَجَر : المنتهى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَآءِ مَا فِيهِ مُزۡدَجَرٌ} (4)

عطف على جملة { وكذبوا واتبعوا أهواءهم } [ القمر : 3 ] أي جاءهم في القرآن من أنباء الأمم ما فيه مزدجر لهؤلاء ، أو أريد بالأنباء الحجج الواردة في القرآن ، أي جاءهم ما هو أشد في الحجة من انشقاق القمر . و { من الأنباء } بيان ما فيه مزدجر قدم على المبين و { من } بيانية .

والمُزدجر : مصدر ميمي ، وهو مصاغ بصيغة اسم المفعول الذي فعله زائد على ثلاثة أحرف . ازدجره بمعنى زجره ، ومادة الافتعال فيه للمبالغة . والدال بدل من تاء الافتعال التي تبدل بعد الزاي إلاّ مثل ازْداد ، أي ما فيه مانع لهم من ارتكاب ما ارتكبوه . والمعنى : ما هو زاجر لهم فجعل الازدجار مظروفاً فيه مجازاً للمبالغة في ملازمته له على طريقة التجريد كقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [ الأحزاب : 21 ] أي هو أسوة .