القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنّ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وَالّذِينَ يَرْمُونَ من الرجال أزْوَاجَهُمْ بالفاحشة ، فيقذفونهنّ بالزنا ، ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ يشهدون لهم بصحة ما رموهنّ به من الفاحشة ، فَشَهادَةُ أحَدِهِمْ أرْبَعُ شَهاداتٍ باللّهِ إنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة : «أرْبَعَ شَهاداتٍ » نصبا ، ولنصبهم ذلك وجهان : أحدهما : أن تكون الشهادة في قوله : فَشَهادَةُ أحَدِهِمْ مرفوعة بمضمر قبلها ، وتكون «الأربع » منصوبا بمعنى الشهادة ، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ : فعلى أحدهم أن يشهد أربعَ شهادات بالله . والوجه الثاني : أن تكون الشهادة مرفوعة بقوله : إنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ و «الأربع » منصوبة بوقوع الشهادة عليها ، كما يقال : شهادتي ألف مرّة إنك لرجل سَوْء وذلك أن العرب ترفع الأيمان بأجوبتها ، فتقول : حَلِفٌ صادق لأقومنّ ، وشهادة عمرو ليقعدنّ . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين : أرْبَعُ شَهاداتٍ برفع «الأربع » ، ويجعلونها للشهادة مرافِعة ، وكأنهم وجهوا تأويل الكلام : فالذي يلزم من الشهادة ، أربعُ شهادات بالله إنه لمن الصادقين .
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ : «فشهادَةُ أحَدِهِمْ أرْبَعَ شَهاداتٍ باللّهِ إنّهُ لَمنَ الصّادِقِينَ » بنصب أربع ، بوقوع «الشهادة » عليها ، و «الشهادة » مرفوعة حينئذٍ على ما وصفت من الوجهين قبل وأحبّ وجهيهما إليّ أن تكون به مرفوعة بالجواب ، وذلك قوله : إنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ وذلك أن معنى الكلام : والذين يرمون أزواجهم ، ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم ، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، تقوم مقام الشهداء الأربعة في دفع الحدّ عنه . فترك ذكر تقوم مقام الشهداء الأربعة ، أكتفاء بمعرفة السامعين بما ذُكِر من الكلام ، فصار مُرافِع «الشهادة » ما وصفت . ويعني بقوله : فَشَهادَةُ أحَدِهمْ أرْبَعُ شَهاداتٍ باللّهِ : فحلف أحدهم أربع أيمان بالله ، من قول القائل : أشهد بالله إنه لمن الصادقين فيما رَمَى زوجته به من الفاحشة ، والخامِسَة يقول : والشهادة الخامسة ، أن لعنة الله عليه يقول : إن لعنة الله له واجبة وعليه حالّة ، إن كان فيما رماها به من الفاحشة من الكاذبين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الاَثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت به جماعة من أهل التأويل . ذكر الرواية بذلك ، وذكر السبب الذي فيه أُنزلت هذه الآية : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرِمة ، قال : لما نزلت وَالّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمّ لَمْ يَأْتُوا بأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً قال سعد بن عبادة : الله إن أنا رأيت لَكَاعِ متفخذَها رجل فقلت بما رأيت إن في ظهري لثمانين إلى ما أجمع أربعة ؟ قد ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، ألا تَسْمَعونَ إلى ما يَقولُ سَيّدُكُمْ ؟ » . قالوا : يا رسول الله لا تَلُمْه وذكروا من غَيرته فما تزوّج امرأة قطّ إلا بكرا ، ولا طلق امرأة قطّ فرجع فيها أحد منا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فإنّ اللّهَ يَأبَى إلاّ ذَاكَ » فقال : لا والله ، لا يَجْعَل في ظهري ثمانين أبدا ، لقد نظرت حتى أيقنت ، ولقد استسمعت حتى استشفيت قال : فأنزل الله القرآن باللّعان ، فقيل له : احلف فحلف ، قال : «قِفُوهُ عِنْدَ الخَامِسَةِ ، فإنّها مُوجِبَةٌ » . فقال : لا يُدْخله الله النار بهذا أبدا ، كما درأ عنه جلد ثمانين ، لقد نظرت حتى أيقنت ، ولقد استسمعت حتى استشفيت فحلف ثم قيل : احلفي فحلفت ثم قال : «قِقُوهَا عِنْدَ الخَامِسَةِ ، فإنّها مُوجِبَةٌ » . فقيل لها : إنها مُوجِبة ، فتلكأت ساعة ، ثم قالت : لا أُخْزِي قومي ، فحلفت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنْ جاءَتْ بِهِ كَذَا وكَذَا فَهُوَ لِزَوْجِها ، وَإنْ جاءَتْ بِهِ كَذَا وكَذَا فَهُوَ للّذِي قِيلَ فيهِ ما قيلَ » . قال : فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق ، فكان بعد أميرا بمصر ، لا يُعرف نَسَبُه ، أو لا يُدْرَى من أبوه .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا عباد ، قال : سمعت عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية : وَالّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمّ لَمْ يَأْتُوا بأرْبَعَةِ شُهَدَاء فاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا وأُولَئِكَ هُمُ الفاسقُونَ قال سعد بن عبادة : لهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ لو أتيت لَكاعِ قد تفخّذها رجل ، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحرّكه حتى آتيَ بأربعة شهداء ؟ فوالله ما كنت لاَتيَ بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ ، أما تَسْمَعُونَ إلى ما يَقُولُ سَيّدُكُمْ ؟ » قالوا : لا تلُمه فإنه رجل غَيُور ، ما تزوّج فينا قطّ إلاّ عذراء ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوّجها قال سعد : يا رسول الله ، بأبي وأمي ، والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حقّ ، ولكن عجبت لو وجدت لَكَاعِ قد تفخذها رجل بم يكن لي أن أهيجه ولا أحرّكه حتى آتيَ بأربعة شهداء والله لا آتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته فوالله ما لبثوا إلاّ يسيرا حتى جاء هلالُ بن أمية من حديقة له ، فرأى بعينيه ، وسمع بأذنيه ، فأمسك حتى أصبح . فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس مع أصحابه ، فقال : يا رسول الله إني جئت أهلي عِشاء ، فوجدت رجلاً مع أهلي ، رأيت بعيني وسمعت بأذني . فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أتاه به وثقل عليه جدّا ، حتى عُرف ذلك في وجهه ، فقال هلال : والله يا رسول الله إني لأرى الكراهة في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم أني صادق ، وما قلت إلاّ حقّا ، فإني لأرجو أن يجعل الله فرجا . قال : واجتمعت الأنصار ، فقالوا : ابتلينا بما قال سعد ، أيُجْلَد هلال بن أميّة وتبطلَ شهادته في المسلمين ؟ فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه ، فإنه لكذلك يريد أن يأمر بضربه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه ، إذ نزل عليه الوحي ، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل ، حتى فرغ ، فأنزل الله : وَالّذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلاّ أنْفُسُهُمْ . . . إلى : أنّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إنْ كانَ مِنَ الصّادِقينَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أبْشِرْ يا هِلالُ ، فإنّ اللّهَ قَدْ جَعَلَ فَرَجا » فقال : قد كنت أرجو ذلك من الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرْسِلُوا إلَيْها » فجاءت ، فلما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها ، فكذّبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ اللّهَ يَعْلَمُ أنّ أحَدَكما كاذِبٌ ، فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ ؟ » فقال هلال : يا رسول الله ، بأبي وأمي لقد صَدَقْتُ وما قلتُ إلاّ حقّا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لاعِنُوا بَيْنَهُما » قيل لهلال : يا هلال اشهد فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، فقيل له عند الخامسة : يا هلال اتق الله ، فإن عذاب الله أشدّ من عذاب الناس ، وإنها الموجبة التي توجب عليك العذاب . فقال هلال : والله لا يعذّبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد الخامسة : أنّ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَيْهِ إنْ كانَ مِنَ الكاذِبِينَ ثم قيل لها : اشهدي فشهدت أربعَ شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، فقيل لها عند الخامسة : اتقي الله ، فإن عذاب الله أشدّ من عذاب الناس ، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . فتلكّأت ساعة ، ثم قالت : والله لا أفضَح قومي ، فشهدت الخامسة : أنّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ ففرّق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقضى أن الولد لها ، ولا يُدْعَى لأب ، ولا يُرْمَى ولدها .
حدثني أحمد بن محمد الطّوسي ، قال : حدثنا أبو أحمد الحسين بن محمد ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : لمّا قَذف هلال بن أميّة امرأته ، قيل له : والله ليجلدنّك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدة قال : الله أعدل من ذلك أن يضربني ضربة وقد علم أني قد رأيت حتى استيقنت وسمعت حتى استثبتّ ، لا والله لا يضربني أبدا فنزلت آية الملاعنة ، فدعا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية ، فقال : «الله يَعْلَمُ أنّ أحَدَكُما كَاذِبٌ ، فهَلْ منكما تَائِبٌ ؟ » فقال هلال : والله إني لصادق . فقال له : «احْلفْ باللّهِ الّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ : إنّي لَصَادِقٌ » يقول ذلك أربع مرّات «فإن كنتُ كاذبا فعليّ لعنةُ الله » . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قِفُوهُ عِنْدَ الخامِسَةِ ، فإنّها مُوجِبَةٌ » فحلف . ثم قالت أربعا : والله الذي لا إله إلاّ هو إنه لمن الكاذبين ، فإن كان صادقا فعليها غضب الله . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قفُوها عنْدَ الخامِسَةِ ، فإنّها مُوجِبَةٌ » فتردّدت وهمّت بالاعتراف ، ثم قالت لا أفضَح قومي » .
حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعيّ ، قالا : حدثنا عَبْدة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : كنا ليلة الجمعة في المسجد ، فدخل رجل فقال : لو أن رجلاً وجَد مع امرأته رجلاً فقتله قتلتموه ، وإن تكلم جلدتموه فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله آية اللّعان . ثم جاء الرجل بعد ، فقذف امرأته ، فلاعَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، فقال : «عَسَى أنْ تَجيءَ بِهِ أسْوَدَ جَعْدا » . فجاءت به أسود جَعْدا .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جُبير قال : سألت ابن عمر ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، أَيُفَرّق بين المتلاعنين ؟ فقال : نعم ، سبحان الله إن أوّل من سأل عن ذلك فلان ، أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال : أرأيت لو أن أحدنا رأى صاحبته على فاحشة ، كيف يصنع ؟ فلم يجبه في ذلك شيئا . قال : فأتاه بعد ذلك فقال : إن الذي سألتُ عنه قد ابتليتُ به . فأنزل الله هذه الآية في سورة النور ، فدعا الرجلَ فوعظه وذكّره ، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاَخرة قال : والذي بعثك بالحقّ ، لقد رأيتُ وما كذبت عليها قال : ودعا المرأة فوعظها ، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاَخرة ، فقالت : والذي بعثك بالحقّ إنه لكاذب ، وما رأى شيئا قال : فبدأ الرجل ، فشهد أربع شهادات بالله : إنه لمن الصادقين ، والخامسة : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم إن المرأة شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أنّ غَضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين . وفرّق بينهما .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن عامر ، قال : لما أنزل : وَالّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمّ لَمْ يَأْتُوا بأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً قال عاصم بن عديّ : إن أنا رأيت فتكلّمت جُلدت ثمانين ، وإن أنا سكت سكت على الغيظ قال : فكأنّ ذلك شقّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأنزلت هذه الآية : وَالّذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلاّ أَنْفُسُهُمْ قال : فما لبثوا إلاّ جمعة ، حتى كان بين رجل من قومه وبين امرأته ، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَالّذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلاّ أنْفُسُهُمْ . . . الآية ، والخامسة : أن يقال له : إن عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين . وإن أقرّت المرأة بقوله رُجمِت ، وإن أنكرت شهدت أربع شهادات بالله : إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أن يقال لها : غضب الله عليك إن كان من الصادقين فُيْدرأ عنها العذاب ، ويُفَرّق بينهما ، فلا يجتمعان أبدا ، ويُلحق الولد بأمه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عكرِمة ، قوله : وَالّذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ قال : هلال بن أميّة ، والذي رُمِيَتْ به شريك بن سحماء ، والذي استفتى عاصم ابن عديّ .
قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرني الزهريّ عن الملاعنة والسنة فيها ، عن حديث سهل بن سعد : أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : أرأيتَ رجلاً وجد مع امرأته رجلاً ، أيقتله فتقتلونه ؟ أم كيف يفعل ؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر من أمر المتلاعنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قَدْ قَضَى اللّهُ فِيكَ وَفِي امْرأتكَ » فتلاعنا وأنا شاهد . ثم فارقها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت السنة بعدها أن يُفَرّق بين المتلاعنين . وكانت حاملة ، فأنكره ، فكان ابنها يُدعى إلى أمه ، ثم جرت السنة أن ابنها يَرِثها وترث ما فرض الله لها .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَالّذِينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ . . . إلى قوله : إنْ كانَ مِنَ الكاذِبينَ قال : إذا شهد الرجل خمس شهادات ، فقد برىء كل واحد من الاَخر ، وعِدّتُها إن كانت حاملاً أن تضع حملها ، ولا يجْلد واحد منهما وإن لم تحلف أقيم عليها الحدّ والرجْم .
{ والخامسة } والشهادة الخامسة . { أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين } في الرمي هذا لعان الرجل وحكمه سقوط حد القذف عنه ، وحصول الفرقة بينهما بنفسه فرقة فسخ عندنا لقوله عليه الصلاة والسلام " المتلاعنان لا يجتمعان أبدا " . وتفريق الحاكم فرقة طلاق عند أبي حنيفة ونفي الولد أن تعرض له فيه وثبوت حد الزنا على المرأة لقوله : { ويدرأ عنها العذاب } .
لما نزلت الآية المتقدمة في { الذين يرمون } [ النور : 4 ] تناول ظاهرها الأَزواج وغيرهن ، فقال سعد بن عبادة يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة والله لأضربنه بالسيف غير مصفح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني »{[8608]} ، وفي ألفاظ سعد روايات مختلفة هذا نحو معناها ، ثم جاء بعد ذلك هلال بن أمية الواقفي فرمى زوجته بشريك ابن سحماء البلوي ، فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضربه حد القذف ، فنزلت هذه الآية عند ذلك فجمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، وتلاعنا فتلكأت المرأة عند الخامسة لما وعظت ، وقيل إنها موجبة ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم ولجت ، وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وولدت غلاماً كأنه جمل أورق{[8609]} ثم كان بعد ذلك الغلام أميراً بمصر وهو لا يعرف لنفسه أباً . ثم جاءه أيضاً عويمر العجلاني فرمى امرأته ولاعن{[8610]} . والمشهور أن نازلة هلال قبل وأنها سبب الآية ، وقيل نازلة عويمر قبل وهو الذي وسط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصم بن عدي{[8611]} ، و «الأزواج » في هذا الحكم يعم المسلمات والكافرات والإماء ، فكلهن يلاعنهن الزوج للانتفاء من الحمل ، وتختص الحرة بدفع حد القذف عن نفسه{[8612]} ، وقرأ الجمهور «أربعَ شهادات » بالنصب وهو كانتصاب المصدر والعامل في ذلك قوله { فشهادة } ورفع «الشهادة » على خبر ابتداء تقديره فالحكم أو فالواجب ، أو على الابتداء بتقدير فعليهم أن يشهدوا وبتقدير حذف الخبر وتقديره في آخر الآية كافية أو واجبة ، وقوله { بالله } من صلة { شهادات } ، ويجوز أن يكون من صلة { فشهادة } ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «أربعُ » بالرفع وذلك على خبر قوله { فشهادة } قال أبو حاتم لا وجه للرفع لأن الشهادة ليست ب { أربع شهادات } و { بالله } على هذه القراءة من صلة { شهادات } ، ولا يجوز أن يكون من صلة «شهادة » لأنك كنت تفصل بين الصلة والموصول بالخبر الذي هو { أربع شهادات } ، وقوله : { إنه لمن الكاذبين } في قول من نصب «أربعَ شهادات » يجوز أن تكون من صلة «شهادة » وهي جملة في موضع نصب ، لأن الشهادة أوقعتها موقع المفعول به ، ومن رفع «أربعُ شهادات » فقوله { إنه لمن الكاذبين } من صلة { شهادات } لعلة الفصل المتقدمة في قوله { بالله } ، وقرأ حفص عن عاصم «والخامسةَ » بالنصب في الثانية ، وقرأها بالنصب فيهما طلحة بن مصرف وأبو عبد الرحمن والحسن والأعمش ، وقرأ الجمهور فيهما «والخامسةُ » بالرفع ، فأما من نصب فإن كان من قراءته نصب قوله «أربعَ شهدات » فإنه عطف الخامسة على ذلك لأنها من الشهادات ، وأن كان يقرأ «أربعُ » بالرفع ، فإنه جعل نصب قوله ، والخامسة على فعل يدل عليه متقدم الكلام تقديره وتشهد الخامسة ، وأما من رفع قوله «والخامسةُ » فإن كان يقرأ «أربعُ » بالرفع فقوله «والخامسةُ » عطف على ذلك ، وإن كان يقرأ «أربعَ » بالنصب فإنه حمل قوله «والخامسةُ » على المعنى لأن معنى قوله شهادة أحدهم عليهم أربع شهادات والخامسة واستشهد أبو علي لهذا بحمل الشاعر : [ الكامل ]
ومشجج أما سواد قذاله . . . البيت على قوله : «إلا رواكد جمرهن هباء »{[8613]} لأن المعنى ثم رواكد ولا خلاف في السبع في رفع قوله «والخامسةُ » في الأولى ، وإنما خلاف السبع في الثانية فقط فنصبه حمل على قوله { أن تشهد أربع }
{ والخامسة } على القطع والحمل على المعنى{[8608]} ، وقرأ نافع وحده «أن لعنة »{[8609]} و «أنَّ غضب »{[8610]} ، وقرأ الأعرج والحسن وقتادة وأبو رجاء وعيسى «أَن لعنة »{[8611]} و «أن غضب الله »{[8612]} وهذا على إضمار الأمر وهي المخففة كما هي في قول الشاعر : «في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى ينتعل{[8613]} ، البيت » وقرأ باقي السبعة «أنّ لعنة الله » «وأنّ غضب الله » بتشديد النون فيهما ونصب «اللعنة والغضب » ورجح الأخفش القراءة بتثقيل النون لأن الخفيفة إنما يراد بها التثقيل ويضمر معها الأمر والشأن وما لا يحتاج معه إلى إضمار أولى .
قال الفقيه الإمام القاضي : لا سيما وأن الخفيفة على قراءة نافع في قوله «أن غضب » قد وليها الفعل ، قال أبو علي وأهل العربية يستقبحون أن يليها الفعل إلا أن يفصل بينها وبينه بشيء نحو قوله تعالى { علم أن سيكون }{[7]} [ المزمل : 20 ] وقوله : { أَفلا يرون ألا يرجع }{[8]} [ طه : 89 ] وأما قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }{[9]} [ النجم : 39 ] فذلك لقلة تمكن ليس في الأفعال وأما قوله : { أن بورك من في النار }{[10]} [ النمل : 8 ] ف { بورك } على معنى الدعاء فلم يجز دخول الفاصل لئلا يفسد المعنى{[11]} ، و «العذاب الُمْدَرُأ » في قول جمهور العلماء الحد وحكى الطبري عن آخرين أنه الحبس وهو قول أصحاب الرأي وأَنه لا حد عليها إن لم تلاعن وليس يوجبه عليها قول الزوج .
قال الفقيه الإمام القاضي : وظاهر حديث الوقفة في الخامسة حين تلكأت ثم مرت في لعانها أَنها كانت تحِّد لقول النبي عليه السلام لها فعذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة{[12]} وجعلت «اللعنة » للرجل الكاذب لأنه مفتر مباهت بالقول فأبعد باللعنة وجعل «الغضب » الذي هو أشد على المرأة التي باشرت المعصية بالفعل ثم كذبت وباهتت بالقول فهذا معنى هذه الألفاظ والله أَعلم .
قال الفقيه الإمام القاضي : ولا بد أَن نذكر في تفسير هذه الآية ما يتعلق بها من مسائل اللعان إذ لا يستغنى عنها في معرفة حكمه وحيث يجب ، أجمع مالك وأَصحابه على وجوب اللعان بادعاء رؤية زنى لا وطء من الزوج بعده{[13]} ، وكذلك مشهور المذهب ، وقول مالك إن اللعان يحب بنفي حمل يدعى قبله استبراء ، وحكى اللخمي عن مالك أنه قال مرة : لا ينفى الولد بالاستبراء لأَن الحيض يأتي على الحمل ، وقاله أشهب في كتاب ابن المواز ، وقاله المغيرة ، وقال لا ينفى الولد إلا بخمس سنين{[14]} ، واختلف المذهب في أن يقذف الرجل أو ينفي حملاً ولا يعلل ذلك لا برؤية ولا باستبراء ، فجل رواة مالك لا يوجب لعاناً بل يحد الزوج ، وقاله ابن القاسم وروي عنه أيضاً أنه قال يلاعن ولا يسأل عن شيء{[15]} ، واختلف بعد القول بالاسبتراء في قدر الاستبراء ، فقال مالك والمغيرة في أحد قوليه يجزىء في ذلك حيضة . وقال أيضاً مالك لا ينفعه إلا ثلاث حيض{[16]} ، وأما موضع اللعان ففي المسجد وعند الحاكم والمستحب أن يكون في المسجد بحضرة الحاكم ، وكذلك يستحب [ أن يكون ]{[17]} بعد العصر تغليظاً بالوقت وكل وقت مجز ، ومن قذف امرأته وهي كبيرة لا تحمل تلاعنا هو لدفع الحد وهي لدرء العذاب ، وأن كانت صغيرة لا تحمل لاعن هو لدفع الحد ولم تلاعن هي لأَنها لو أقرت لم يلزمها شيء{[18]} ، وقال ابن الماجشون لا حد على قاذف من لم يبلغ ، قال اللخمي فعلى هذا لا لعان على زوج الصغيرة التي لا تحمل ، والمستحب من ألفاظ اللعان أَن يمشي مع ترتيب القرآن ولفظه فيقول الزوج أشهد بالله لرأيت هذه المرأة تزني{[19]} وإني في ذلك لمن الصادقين ، ثم يقول في الخامسة لعنة الله علي أن كنت من الكاذبين ، وقال أصبغ لا بد أَن يقول كالمرود في المكحلة ، وقيل لا يلزمه ذلك وكذلك يقول أشهب لا بد أن يقول بالله الذي لا إله إلا هو ، وأَما في لعان نفي الحمل فقيل يقول الرجل ما هذا الولد مني ولزنت ، وقال ابن القاسم في الموازنة ، لا يقول وزنت من حيث يمكن أَن تغضب ، وتقول المرأة أشهد بالله ما زنيت وأنه في ذلك لمن الكاذبين ، ثم تقول غضب الله علي إن كان من الصادقين فإِن منع جهلهما من ترتيب هذه الأَلفاظ وأتيا بما في معناها أجزأ ذلك ، وحكى اللخمي عن محمد بن أَبي صفرة أَنه قال اللعان لا يرفع العصمة لقول عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها قال : فأحدث طلاقاً ، ومشهور المذهب أن نفس تمام اللعان بينهما فرقة لا يحتاج معها إلى تفريق حاكم وابن أَبي صفرة هذا ليس بعيد{[20]} يزاحم به الجمهور .
ومذهب الشافعي أن الفرقة حاصلة إثر لعان الزوج وحده ، وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تفريق إلا بحكم السلطان بعد لعانهما ، فإن مات أحدهما بعد تمام لعانهما وقبل حكم القاضي ورثه الآخر ، ومذهب المدونة أن اللعان حكم تفريقه حكم الطلاق ويعطى لغير المدخول بها نفس الصداق ، وفي مختصر ابن الجلاب لا شيء لها وهذا على أن تفريق اللعان فسخ ، وقال ابن القصار تفريق اللعان عندنا فسخ وتحريم اللعان أبدي بإجماع فيما أحفظ من مذهب مالك رحمه الله ، ومن فقهاء الكوفة وغيرهم من لا يراه متأبداً ، وإن أكذب نفسه بعد اللعان لم ينتفع بذلك ، وروي عن عبد العزيز بن أَبي سلمة أنه إن أكذب نفسه بعد اللعان كان خاطباً من الخطاب ، وإن تقدمت المرأة في اللعان فقال ابن القاسم لا تعيد ، وقال أشهب تعيد{[21]} .
أما قوله : { والخامسة } أي فالشهادة الخامسة ، أي المكملة عدد خمس للأربع التي قبلها . وأنث اسم العدد لأنه صفة لمحذوف دل عليه قوله { فشهادة أحدهم } والتقدير : والشهادة الخامسة . وليس لها مقابل في عدد شهود الزنى . فلعل حكمة زيادة هذه اليمين مع الأيمان الأربع القائمة مقام الشهود الأربعة أنها لتقوية الأيمان الأربع باستذكار ما يترتب على أيمانه إن كانت غموساً من الحرمان من رحمة الله تعالى .
وهذا هو وجه كونها مخالفة في صيغتها لصيغ الشهادات الأربع التي تقدمتها . وفي ذلك إيماء إلى أن الأربع هي المجعولة بدلاً عن الشهود وأن هذه الخامسة تذييل للشهادة وتغليظ لها .
وقرأ الجمهور : { والخامسةُ أن غضب الله عليها } بالرفع كقوله : { والخامسة أن لعنت الله عليه } وهو من عطف الجمل . وقرأه حفص عن عاصم بالنصب عطفاً على { أربع شهادات } الثاني وهو من عطف المفردات .
وقرأ الجمهور : { أنّ لعنة الله عليه } و { أنّ غضب الله عليها } بتشديد نون ( أنّ ) وبلفظ المصدر في { أنّ غضب الله } وجر اسم الجلالة بإضافة ( غضب ) إليه . ويتعين على هذه القراءة أن تقدر باء الجر داخلة على { أن } في الموضعين متعلقة ب { الخامسة } لأنها صفة لموصوف تقديره : والشهادة الخامسة ، ليتجه فتح همزة ( أنّ ) فيهما . والمعنى : أن يشهد الرجل أو تشهد المرأة بأن لعنة الله أو بأن غضب الله ، أي بما يطابق هذه الجملة .
وقرأ نافع بتخفيف نون ( أنْ ) في الموضعين و { غضِب الله } بصيغة فعل المضي ، ورفْع اسم الجلالة الذي بعد { غضِب } . وخرجت قراءته على جعل ( أن ) مخففة من الثقيلة مهملة العمل واسمها ضمير الشأن محذوف أي تهويلاً لشأن الشهادة الخامسة . ورد بما تقرر من عدم خلو جملة خبر ( أن ) المخففة من أحد أربعة أشياء : قد ، وحرف النفي ، وحرف التنفيس ، ولولا . والذي أرى أن تجعل ( أن ) على قراءة نافع تفسيرية لأن الخامسة يمين ففيها معنى القول دون حروفه فيناسبها التفسير .
وقرأ يعقوب { أنْ لعنة الله } بتخفيف ( أن ) ورفع { لعنةُ } وجر اسم الجلالة مثل قراءة نافع . وقرأ وحده { أن غضبُ الله عليها } بتخفيف ( أن ) وفتح ضاد { غضب } ورفع الباء على أنه مصدر ويجر اسم الجلالة بالإضافة .
وعلى كل القراءات لا يذكر المتلاعنان في الخامسة من يمين اللعان لفظ ( أن ) فإنه لم يرد في وصف أيمان اللعان في كتب الفقه وكتب السنة .
والقول في صيغة الخامسة مثل القول في صيغ الأيمان الأربع . وعين له في الدعاء خصوص اللعنة لأنه وإن كان كاذباً فقد عرض بامرأته للعنة الناس ونبذ الأزواج إياها فناسب أن يكون جزاؤه اللعنة .
واللعنة واللعن : الإبعاد بتحقير . وقد تقدم في قوله : { وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين } في سورة الحجر ( 35 ) .
واعلم أن الزوج إن سمى رجلاً معيناً زنى بامرأته صار قاذفاً له زيادة على قذفه المرأة ، وأنه إذا لاعن وأتم اللعان سقط عنه حد القذف للمرأة وهو ظاهر ويبقى النظر في قذفه ذلك الرجل الذي نسب إليه الزنى . وقد اختلف الأيمة في سقوط حد القذف للرجل فقال الشافعي : يسقط عنه حد القذف للرجل لأن الله تعالى لم يذكر إلا حداً واحداً ولأنه لم يثبت بالسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام حد الفرية على عويمر العجلاني ولا على هلال بن أمية بعد اللعان .
وقال مالك وأبو حنيفة : يُسقط اللعان حد الملاعن لقذف امرأته ولا يسقط حد القذف لرجل سماه ، والحجة لهما بأن الله شرع حد القذف .
ولما كانت هذه الأيمان مقتضية صدق دعوى الزوج على المرأة كان من أثر ذلك أن تعتبر المرأة زانية أو أن يكون حملها ليس منه فهو من زنى لأنها في عصمة فكان ذلك مقتضياً أن يقام عليها حد الزنى ، فلم تهمل الشريعة حق المرأة ولم تجعلها مأخوذة بأيمان قد يكون حالفها كاذباً فيها لأنه يتهم بالكذب لتبرئة نفسه فجعل للزوجة معارضة أيمان زوجها كما جعل للمشهود عليه الطعن في الشهادة بالتجريح أو المعارضة فقال تعالى : { ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله } الآية . وإذ قد كانت أيمان المرأة لرد أيْمان الرجل ، وكانت أيمان الرجل بدلاً من الشهادة وسميت شهادة ، كانت أيْمان المرأة لردها يناسب أن تسمى شهادة ؛ ولأنها كالشهادة المعارضة ، ولكونها بمنزلة المعارضة كانت أيْمان المرأة كلها على إبطال دعواه لا على إثبات براءتها أو صدقها .