جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (68)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَدّبّرُواْ الْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ الأوّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِالْحَقّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ } .

يقول تعالى ذكره : أفلم يتدبر هؤلاء المشركون تنزيل الله وكلامه ، فيعلموا ما فيه من العبر ، ويعرفوا حجج الله التي احتجّ بها عليه فيه ؟ أمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأتِ آباءَهُمُ الأَوّلِينَ ؟ يقول : أم جاءهم أمر ما لم يأت من قبلهم من أسلافهم ، فاستكبروا ذلك وأعرضوا ، فقد جاءت الرسل من قبلهم ، وأنزلت معهم الكتب . وقد يحتمل أن تكون «أم » في هذا الموضع بمعنى : «بل » ، فيكون تأويل الكلام : أفلم يدبّروا القول ؟ بل جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين ، فتركوا لذلك التدبر وأعرضوا عنه ، إذ لم يكن فيمن سلف من آباءهم ذلك . وقد ذُكر عن ابن عباس في نحو هذا القول ، ما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : أفَلَمْ يَدّبّرُوا القَوْلَ أمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأَوّلِينَ قال : لعمري لقد جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين ، ولكن أو لم يأتهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (68)

{ أفلم يدبروا القول } أي القرآن ليعلموا أنه الحق من ربهم بإعجاز لفظه ووضوح مدلوله . { أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين } من الرسول والكتاب ، أو من الأمن من عذاب الله تعالى فلم يخافوا كما خاف آباؤهم الأقدمون كإسماعيل وأعقابه فآمنوا به وبكتابه ورسله وأطاعوه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (68)

ثم وبخهم على إعراضهم بعد تدبر القول لأنهم بعد التدبر والنظر الفاسد ، قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وسائر ذلك ، وقوله { أم جاءهم } كذلك توبيخ أيضاً والمعنى أأبدع لهم أمر لم يكن في الناس قبلهم بل قد جاء الرسل قبل كنوح وإبراهيم وإسماعيل وفي هذا التأويل من التجوز أن جعل سالف الأمم «آباء » إذ الناس في الجملة آخرهم من أولهم ، ويحتمل اللفظ معنى آخر على أن يراد ب { آباءهم الأولين } من فرط من سلفهم في العرب فكأنه قال : أفلم يدبروا القول أم جاءهم أمر غريب من عند الله لم يأت { آباءهم } فبهر عقولهم ونبت أذهانهم عن أمر من أمور الله غريب في سلفهم والمعنى الأول أبين .