فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (68)

قوله : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا القول } بين سبحانه أن سبب إقدامهم على الكفر هو أحد هذه الأمور الأربعة : الأوّل : عدم التدبر في القرآن ، فإنهم لو تدّبروا معانيه لظهر لهم صدقه وآمنوا به وبما فيه ، والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدّر ، أي فعلوا ما فعلوا فلم يتدبروا ، والمراد بالقول : القرآن ، ومثله : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن } [ النساء : 82 ، محمد : 24 ] . والثاني قوله : { أم جاءهم مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الأولين } أم هي المنقطعة ، أي بل [ جاءهم ] من الكتاب ما لم يأتِ آباءهم الأوّلين ، فكان ذلك سبباً لاستنكارهم للقرآن ، والمقصود : تقرير أنه لم يأتِ آباءهم الأوّلين رسول ؛ فلذلك أنكروه ، ومثله قوله : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ } [ يس : 6 ] . وقيل : إنه أتى آباءهم الأقدمين رسل أرسلهم الله إليهم . كما هي سنّة الله سبحانه في إرسال الرسل إلى عباده ، فقد عرف هؤلاء ذلك ، فكيف كذبوا هذا القرآن ؟ وقيل : المعنى : أم جاءهم من الأمن من عذاب الله ما لم يأتِ آباءهم الأوّلين كإسماعيل ومن بعده . والثالث : قوله : { أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } .

/خ83