فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَآءَهُم مَّا لَمۡ يَأۡتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (68)

{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ ( 68 ) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ( 69 ) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ( 70 ) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ ( 71 ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ( 72 ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( 73 ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ( 74 ) } .

{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } بين سبحانه أن سبب إقدامهم على الكفر هو أحد هذه الأمور الأربعة :

الأول : عدم التدبر في القرآن ، فإنهم لو تدبروا معانيه لظهر لهم صدقه وآمنوا به وبما فيه ، والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر ، أي فعلوا ما فعلوا فلم يتدبروا ، والمراد بالقول القرآن . ومثله { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقرآن } .

والثاني قوله : { أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ } أم هي المنقطعة ، أي بل أجاءهم من الكتاب فكان ذلك سببا لاستكبارهم للقرآن ، والمقصود تقرير أنه لم يأت آباءهم الأولين رسول فلذلك أنكروه ومثله قوله : { لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم } . وقيل إنه أتى آباءهم الأقدمين رسل ، أرسل الله إليهم كما هي سنة الله سبحانه في إرسال الرسل إلى عباده ، فقد عرف هؤلاء ذلك ، فكيف كذبوا هذا القرآن ؟ وقيل المعنى أم جاءهم من الأمن من عذاب الله ما لم يأت آباؤهم الأولين كإسماعيل ومن بعده .