التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (4)

وقوله - سبحانه - { إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تحذير آخر لهم ، إثر التحذير من الإِعراض عما جاهءم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

والمرجع : مصدر ميمى بمعنى الرجوع الذى لا انفكاك لهم منه ، ولا محيد لهم عنه .

أى : إلى الله - تعالى - وحده رجوعكم مهما طالت حياتكم ، ليحاسبكم على أعمالكم ، ويجازيكم عليها بما تستحقونه من جزاء ، وهو - سبحانه - على كل شيء قدير ، لا يعجزه أمر ولا يحول بينه وبين نفاذ إرادته حائل .

وما دام الأمر كذلك ، فأخلصوا لله العبادة ، واستغفروا ثم توبوا إليه لتظفروا بالسعادة العاجلة والآجلة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (4)

جملة في موضع التعليل للخوف عليهم ، فلذلك فصلت . والمعنى : أنكم صائرون إلى الله ، أي إلى قدرته غير منفلتين منه فهو مجازيكم على تولّيكم عن أمره .

فالمرجع : مصدر ميمي بمعنى الرجوع . وهو مستعمل كناية عن لازمه العرفي وهو عدم الانفلات وإن طال الزمن ، وذلك شامل للرجوع بعد الموت . وليس المراد إياه خاصة لأن قوله : { وهو على كل شيء قدير } أنسب بالمصير الدنيوي لأنه المسلّم عندهم ، وأما المصير الأخروي فلو اعترفوا به لما كان هنالك قوي مقتض لزيادة { وهو على كل شيء قدير } .

وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتقوي ، وليس المراد منه الحصر إذ هم لا يحسبون أنهم مرجعون بعد الموت بله أن يرجعوا إلى غيره .

وجملة : { وهو على كل شيء قدير } معطوفة على جملة : { إلى الله مرجعكم } ، أي فما ظنكم برجوعكم إلى القادر على كل شيء وقد عصيتُم أمره أليس يعذبكم عذاباً كبيراً .