التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} (57)

{ وَلأَجْرُ الآخرة خَيْرٌ } وأبقى { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } يالله - إيماناً حقا { وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } خالقهم - عز وجل - في لك ما يأتون وما يذرون ، بأن يصونوا أنفسهم عن كل ما يغضبه .

وهكذا كافأ الله - تعالى - يوسف على صبره وتقواه وإحسانه ، بما يستحقه من خير وسعادة في الدنيا والآخرة .

ثم تطوى السورة بعد ذلك أحداثاً تكل معرفتها إلى فهم القارئ وفطنته ، فهى لم تحدثنا - مثلاً - عن الطريقة التي اتبعها يوسف في إدراته لخزائن أرض مصر ، اكتفاء بقوله { إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } للدلالة على كفايته وأمانته .

كذلك لم تحدثنا عن أحوال الناس في السنوات السعب العجاف ، وفى السنوات الخضر لأن هذا مقرر ومعروف في دنيا الناس .

كذلك لم تحدثنا عن صلة الملك وحاشيته بيوسف ، بعد أن صار أميناً على خزائن الأرض ، بل أفسحت المجال كله للحديث عن يوسف ، إنزالاً للناس منازلهم ، إذ هو صاحب التفسير الصحيح لرؤيا الملك ، وصاحب الأفكار الحكيمة التي أنقذت الأمة من فقر سبع سنوات شداد ، وصاحب الدعوة إلى وحدانية الله - تعالى - وإخلاص العبادة له ، بين قوم يشركون مع الله في العبادة آلهة أخرى .

لم تحدثنا السورة الكريمة عن كل ذلك ، في أعقاب حديثها عن تمكين الله - تعالى - ليوسف في الأرض ، وإنما انتقلت بنا بعد ذلك مباشرة إلى الحديث عن لقاء يوسف بإخوته ، وعما دار بينه وبينهم من محاورات ، وعن إكرامه لهم . . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} (57)

لأجره في الآخرة خير من ذلك له ولكل من آمن واتقى .

والتعبير في جانب الإيمان بصيغة الماضي وفي جانب التقوى بصيغة المضارع ، لأن الإيمان عقد القلب الجازم فهو حاصل دفعة واحدة وأما التقوى فهي متجددة بتجدّد أسباب الأمر والنهي واختلاف الأعمال والأزمان .