التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (22)

{ ذَلِكَ } الأخذ من أسبابه { بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات } أى : بالدلائل الواضحات على صدقهم فيما يبلغونهم عن ربهم .

{ فَكَفَرُواْ } أى : بالرسل وبما جاءوهم به { فَأَخَذَهُمُ الله } أى : فأهلكهم - سبحانه - { إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ العقاب } أى : إنه - سبحانه - قوى لا يحول بين ما يريد أن يفعله حائل ، شديد العقاب لمن كفر به ، وأعرض عن دعوة رسله .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت لنا أنواعا متعددة من مظاهر قدرة الله ، ومن أهوال يوم القيامة ، ومن علمه الشامل لكل شئ ، ومن قضائه العادل ومن أخذه للظالمين أخذ عزيز مقتدر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (22)

وأفاد المضارع في قوله : { تأتيهم } تجدد الإتيان مرة بعد مرة لمجموع تلك الأمم ، أي يأتي لكل أمة منهم رسول ، فجمع الضمير في { تأتيهم } و { رسلهم } وجمع الرسل في قوله : { رسلهم } من مقابلة الجمع بالجمع ، فالمعنى : أن كل أمة منهم أتاها رسول . ولم يؤت بالمضارع في قوله : { فكفروا } لأن كفر أولئك الأمم واحد وهو الإِشراك وتكذيب الرسل .

وكرر قوله : { فأخَذَهُمُ الله } بعد أن تقدم نظيره في قوله : { فأخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِم } الخ إطناباً لتقرير أخذ الله إياهم بكفرهم برسلهم ، وتهويلاً على المنذَرين بهم أن يُساوُوهم في عاقبتهم كما سَاوَوْهم في أسبابها .

وجملة : { إنَّه قَوِيٌّ شَدِيد العِقَابِ } تعليل وتبيين لأخذ الله إياهم وكيفيته وسرعة أخذه المستفادة من فاء التعقيب ، فالقويّ لا يعجزه شيء فلا يعطل مراده ولا يتريث ، و { شديد العقاب } بيان لذلك الأخذ على حد قوله تعالى : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } [ القمر : 42 ] .