التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ} (6)

والظرف فى قوله - تعالى - { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } متعلق بقوله - تعالى - : { قتل } أى : لعنوا وطردوا من رحمة الله ، حين قعدوا على الأخدود ، ليشرفوا على من يعذبونهم من المؤمنين .

فالضمير " هم " يعود على أولئك الطغاة الذين كانوا يعذبون المؤمنين ويجلسون على حافات الأخدود ليروهم وهم وهم يحرقون بالنار ، أو ليأمروا أتباعهم وزبانيتهم بالجد فى التعذيب حتى لا يتهاونوا فى ذلك .

و { على } للاستعلاء المجازى : إذ من المعلوم أنهم لا يقعدون فوق النار ، وإنما هم يقعدون حولها ، لإِلقاء المؤمنين فيها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ} (6)

وقوله تعالى :[ النار ]بدل من [ الأخدود ] ، وهو بدل اشتمال ، وهذه قراءة الجمهور[ النار ] بخفض الراء ، وقرأ قوم :[ النار ] بالرفع ، على معنى : قتلتهم النار . و«الوقود » بالضم مصدر من : وقدت النار إذا اضطرمت ، و«الوقود »بفتح الواو ما توقد به ، وقرأ الجمهور بفتح الواو ، وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وأبو حيوة بضمها .

وكان من قصة هؤلاء أن الكفار قعدوا ، وُضَّم المؤمنون فعرض عليهم الدخول في الكفر ، فمن أبى ُرمي في أخدود النار فاحترق ، فروي أنه احترق عشرون ألفا . قال الربيع بن أنس ، وابن إسحاق ، وأبو العالية : بعث الله تعالى على المؤمنين ريحا فقبضت أرواحهم ، أو نحو هذا ، فخرجت النار وأحرقت الكافرين الذين كانوا على حافتي الأخدود ، وعلى هذا يجيء [ قِتل ] خبرا لا دعاء ، وقال قتادة :( إذ هم عليها قعود ) يعني المؤمنين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ} (6)

ويتعلق : { إذ هم عليها قعود } بفعل قُتل ، أي لعنوا وغضب الله عليهم حين قعدوا على الأخدود .

وضمير { هم } عائد إلى أصحاب الأخدود فإن الملك يحضر تنفيذ أمره ومعه ملأه ، أو أريد بهم المأمورون من الملك . فعلى احتمال أنهم أعوان الملك فالقُعود الجلوس كني به عن الملازمة للأخدود لئلا يتهاون الذين يحشون النار بتسعيرها ، و ( على ) للاستعلاء المجازي لأنهم لا يقعدون فوق النار ولكن حولها . وإنما عبر عن القرب والمراقبة بالاستعلاء كقول الأعشى :

وبات على النار الندى والمحلق

ومثله قوله تعالى : { وجد عليه أمة من الناس يسقون } [ القصص : 23 ] ، أي عنده .

وعلى احتمال أن يكون المراد ب { أصحاب الأخدود } المؤمنين المعذَّبين فيه ، فالقُعود حقيقة و ( على ) للاستعلاء الحقيقي ، أي قاعدون على النار بأن كانوا يحرقونهم مربوطين بهيئة القعود لأن ذلك أشد تعذيباً وتمثيلاً ، أي بعد أن يقعدوهم في الأخاديد يوقدون النار فيها وذلك أروع وأطول تعذيباً .