التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ} (6)

ويتعلق : { إذ هم عليها قعود } بفعل قُتل ، أي لعنوا وغضب الله عليهم حين قعدوا على الأخدود .

وضمير { هم } عائد إلى أصحاب الأخدود فإن الملك يحضر تنفيذ أمره ومعه ملأه ، أو أريد بهم المأمورون من الملك . فعلى احتمال أنهم أعوان الملك فالقُعود الجلوس كني به عن الملازمة للأخدود لئلا يتهاون الذين يحشون النار بتسعيرها ، و ( على ) للاستعلاء المجازي لأنهم لا يقعدون فوق النار ولكن حولها . وإنما عبر عن القرب والمراقبة بالاستعلاء كقول الأعشى :

وبات على النار الندى والمحلق

ومثله قوله تعالى : { وجد عليه أمة من الناس يسقون } [ القصص : 23 ] ، أي عنده .

وعلى احتمال أن يكون المراد ب { أصحاب الأخدود } المؤمنين المعذَّبين فيه ، فالقُعود حقيقة و ( على ) للاستعلاء الحقيقي ، أي قاعدون على النار بأن كانوا يحرقونهم مربوطين بهيئة القعود لأن ذلك أشد تعذيباً وتمثيلاً ، أي بعد أن يقعدوهم في الأخاديد يوقدون النار فيها وذلك أروع وأطول تعذيباً .