التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (92)

ثم أكد - سبحانه - هذا التهديد والوعيد فقال : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

والفاء هنا متفرعة على ما سبق تأكيده في قوله { وَإِنَّ الساعة لآتِيَةٌ . . . } إذ في هذا اليوم يكون سؤالهم .

والواو للقسم ، أى : فوحق ربك - أيها الرسول الكريم - الذي خلقك فسواك فعدلك ، لنسألن هؤلاء المكذبين جميعًا ، سؤال توبيخ وتقريع وتبكيت ، عما كانوا يعملونه في الدنيا من أعمال قبيحة : وعما كانوا يقولونه من أقوال فاسدة ، ثم لننزلن بهم جميعًا العقوبة المناسبة لهم .

فالمقصود من هذه الآية الكريمة زيادة التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتأكيد التهديد للمشركين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (92)

وقوله { فوربك لنسألنهم } إلى آخر الآية ، ضمير عام ووعيد محض يأخذ كل أحد منه بحسب جرمه وعصيانه ، فالكافر يسأل عن لا إله إلا الله وعن الرسل وعن كفره وقصده به ، والمؤمن العاصي يسأل عن تضييعه ، والإمام عن رعيته ، وكل مكلف عما كلف القيام به ، وفي هذا المعنى أحاديث ، وقال أبو العالية في تفسير هذه الآية : يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة عما كانوا يعبدون وماذا أجابوا المرسلين ، وقال في تفسيرها أنس بن مالك وابن عمر ومجاهد : إن السؤال عن لا إله إلا الله ، وذكره الزهراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس في قوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون }{[7228]} ، قال يقال لهم : لم عملتم كذا وكذا ؟ قال وقوله تعالى : { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان }{[7229]} [ الرحمن : 39 ] معناه يقال له ما أذنبت لأن الله تعالى أعلم بذنبه منه .


[7228]:قال الزمخشري: أقسم تعالى بذاته وربوبيته مضافا إلى رسوله على جهة التشريف.
[7229]:من الآية (39) من سورة (الرحمن).