التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } للتقرير - أيضا - أى : لقد جعل الله - تعالى - مكر أصحابا الفيل وسعيهم لتخريب الكعبة ، فى { تَضْلِيلٍ } أي : في تخسير وإبطال وتضييع ، بأن تبرهم - سبحانه - تتبيرا ، ودمرهم تدميرا .

والكيد : إرادة وقوع الإِضرار بالغير فى خفية ، وسمى - سبحانه - ما فعله أبراهة وجيشه كيدا ، مع أنهم جاءوا لهدم الكعبة جهارا نهارا . . لأنهم كانوا يضمرون من الحقد والحسد والعداوة لأهل مكة ، أكثر مما كانوا يظهرونه ، فهم - كما قال - تعالى - : { قَدْ بَدَتِ البغضآء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ . . } والمقصود بالتضليل هنا : التضييع والإِبطال . تقول : ضللت كيد فلان ، إذا جعلته باطلا ضائعا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

ألم يجعل كيدهم في تعطيل الكعبة وتخريبها { في تضليل } في تضييع وإبطال ، بأن دمرهم ، وعظم شأنها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ} (2)

هذه الجمل بيان لما في جملة { ألم تر كيف فعل ربك } [ الفيل : 1 ] من الإِجمال . وسمى حربهم كيداً لأنه عمل ظاهره الغضب من فعل الكناني الذي قعد في القليس . وإنما هو تعلة تعللوا بها لإِيجاد سبب لحرب أهل مكة وهدم الكعبة لينصرف العرب إلى حجّ القليس في صنعاء فيتنصّروا .

أو أريد بكيدهم بناؤهم القليس مظهرين أنهم بنوا كنيسة وهم يريدون أن يبطلوا الحج إلى الكعبة ويصرفوا العرب إلى صنعاء .

والكَيد : الاحتيال على إلحاق ضر بالغير ومعالجة إيقاعه .

والتضليل : جعل الغير ضالاً ، أي لا يهتدي لمراده وهو هنا مجاز في الإِبطال وعدم نوال المقصود لأن ضلال الطريق عدم وصول السائر .

وظرفية الكيد في التضليل مجازية ، استعير حرف الظرفية لمعنى المصاحبة الشديدة ، أي أبطل كيدهم بتضليل ، أي مصاحباً للتضليل لا يفارقه ، والمعنى : أنه أبطله إبطالاً شديداً إذ لم ينتفعوا بقوتهم مع ضعف أهل مكة وقلة عددهم . وهذا كقوله تعالى : { وما كيد فرعون إلا في تباب } [ غافر : 37 ] أي ضياع وتلف ، وقد شمل تضليلُ كيدهم جميعَ ما حلّ بهم من أسباب الخيبة وسوء المنقلب .