التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (11)

بعد ذلك بين - سبحانه - ما أعد لهم من حسن الثواب فقال : { أولئك هُمُ الوارثون الذين يَرِثُونَ الفردوس هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .

والفردوس : أعلى الجنات وأفضلها وهو لفظ عربى يجمع فى فراديس .

وقيل : هو لفظ معرب معناه : الذى يجمع ما فى البساتين من ثمرات .

وفى صحيح مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا سألتم الله فسلوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة " .

أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات الجليلة ، هم الجديرون بالفلاح فإنهم يرثون أعلى الجنات وأفضلها ، وهم فيها خالدون خلوداً أبديًّا لا يمسهم فيها نصب ، ولا يمسهم فيها لغوب .

وعبر - سبحانه - عن حلولهم فى الجنة بقولهم { يَرِثُونَ } للإشعار بأن هذا النعيم الذى نزلوا به ، قد استحقوه بسبب أعمالهم الصالحة ، كما يملك الوارث ما ورثه عن غيره ، ومن المعروف أن ما يملكه الإنسان عن طريق الميراث يعتبر أقوى أسباب الملك .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وقوله - سبحانه - : { ونودوا أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وحذف مفعول اسم الفاعل الذى هو { الوارثون } لدلالة قوله : { الذين يَرِثُونَ الفردوس } عليه .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد مدحت المؤمنين الصادقين مدحاً عظيماً ووعدتهم بالفوز بأعلى الجنات وأفضلها ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (11)

{ الذين يرثون الفردوس } بيان لما يرثونه وتقييد للوراثة بعد إطلاقها تفخيما لها وتأكيدا ، وهي مستعارة لاستحقاقهم الفردوس من أعمالهم ، وإن كان بمقتضى وعده مبالغة فيه . وقيل إنهم يرثون من الكفار منازلهم فيها حيث فوتوها على أنفسهم لأنه تعالى خلق لكل إنسان منزلا في الجنة ومنزلا في النار . { هم فيها خالدون } أنت الضمير لأنه اسم للجنة أو لطبقتها العليا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (11)

الفردوس : اسم من أسماء الجنَّة في مصطلح القرآن ، أو من أسماء أشرف جهات الجنات ، وأصل الفردوس : البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بن سُراقة لمّا أصابه سهم غرب يوم بدر فقتله ، وقالت أمّه : إن كان في الجنَّة أصبِرْ وأحتسِبْ فقال لها : " ويْحَكِ أهَبِلْتِ أوَ جَنَّةٌ واحدَةٌ هي ، إنَّها لجِنان كثيرة وإنه لفي الفردوس " .

وقد ورد في فضل هذه الآيات حديث عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أُنْزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ] حتى ختم عشر آيات " قال ابن العربي في « العارضة » : قوله : { الذين يرثون الفردوس } هي العاشرة ، رواه الترمذي وصححه .