غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (11)

1

ثم بين الموروث بقوله { الذين يرثون الفردوس } وقد سبق معنى هذه الوراثة في " الأعراف " في قوله { ونودوا أن تلكموا الجنة أورثتموها } [ الأعراف : 43 ] قال الفقهاء : لا فرق في الميراث بين ما ملكه الميت وبين ما يقدر ملكه فيه ولذلك قالوا للدية إنها ميراث المقتول . وكل من في الجنة فله مسكن مفروض في النار على تقدير كفره ، وكل من في النار فله مسكن مفروض في الجنة على تقدير إيمانه كما ورد في الحديث ، فإذا تبادل المسكنان كان جميع أهل الجنة وارثين ، ولكن كل الفردوس لا يكون ميراثاً بل بعضه ميراث وبعضه بالاستحقاق إلا أنه يصدق بالجملة أنهم ورثوا الفردوس أي الجنة ولهذا أنت الضمير في قوله { هم فيها خالدون } وقيل : إن الجنة كانت مسكن أبينا آدم عليه السلام فإذا انتقلت إلى أولاده كان شبيهاً بالميراث . والفردوس بلسان الحبشة أو الروم هو البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر . روي أن الله عز وجل بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل خلالها المسك الأذفر . وروى أبو موسى الشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الفردوس مقصورة الرحمن فيها الأنهار والأشجار " وعن أبي أمامة مرفوعاً " سلوا الله الفردوس فإنها أعلى الجنان وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش " ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لما خلق الله تعالى جنة عدن قال لها : تكلمي . فقالت : قد أفلح المؤمنون " ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا أحسن العبد الوضوء وصلى الصلاة لوقتها وحافظ على ركوعها وسجودها ومواقيتها قالت : حفظك الله كما حافظت علي وتشفع لصاحبها . فإذا أضاعها قالت : ضيعك الله كما ضيعتني وتلف كما يلف الثوب ويضرب بها على وجه صاحبها " قالت العلماء : أما كلام الجنة فالمراد به أنها أعدت للمتقين كقوله { قالتا أتينا طائعين }

[ فصلت : 11 ] وكذا الكلام في كلام " طوبى " . وأما أنه تعالى خلق الجنة بيده فالمراد تولى خلقها وإيجادها من غير واسطة . وأما حديث الصلاة فلا ريب أنها حركات وسكنات ولا يصح عليها التكلم فالمراد به ضرب المثل كقولك للمنعم عليك " إن إحسانك إليّ ينطق بالشكر " .

/خ30