التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا وَمَكَرۡنَا مَكۡرٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (50)

ولكن هذا المكر السىء ، والتحايل القبيح قد أبطله الله - تعالى - وجعله يحيق بهم وبأشياعهم ، فقد قال - تعالى -{ ومكَرُواْ مَكْراً ومكرنا مكرا } أى : ودبرنا لصالح - عليه السلام - ولمن آمن به ، تدبيرا محمودا محكما { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أى : وهم لا يشعرون بتدبيرنا الحكيم ، حيث أنجينا صالحا ومن معه من المؤمنين ، وأهلكنا أعداءه أجمعين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا وَمَكَرۡنَا مَكۡرٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (50)

{ ومكروا مكرا } بهذه المواضعة . { ومكرنا مكرا } بأن جعلناها سببا لإهلاكهم . { وهم لا يشعرون } بذلك ، روي أنه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلي فيه فقالوا : زعم انه يغفر منا إلى ثلاث فنفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث فذهبوا إلى الشعب ليقتلوه ، فوقع عليهم صخرة حيالهم فطبقت عليهم فم الشعب فهلكوا ثمة وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة كما أشار إليه قوله : { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا وَمَكَرۡنَا مَكۡرٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (50)

سمَّى الله تآمرهم مكراً لأنه كان تدبير ضُرّ في خفاءٍ . وأكد مكرهم بالمفعول المطلق للدلالة على قوته في جنس المكر ، وتنوينه للتعظيم .

والمكر الذي أسند إلى اسم الجلالة مكر مجازي . استعير لفظ المكر لمبادرة الله إياهم باستئصالهم قبل أن يتمكنوا من تبييت صالح وأهله ، وتأخيره استئصالهم إلى الوقت الذي تآمروا فيه على قتل صالح لشَبَه فِعللِ الله ذلك بفعل الماكر في تأجيل فعل إلى وقت الحاجة ، مع عدم إشعار من يُفعل به .

وأُكد مكر الله وعُظّم كما أكد مكرهم وعُظّم ، وذلك بما يناسب جنسه ، فإن عذاب الله لا يدانيه عذاب الناس فعظيمه أعظم من كل ما يقدره الناس .

والمراد بالمكر المسند إلى الجلالة هو ما دلت عليه جملة : { إنا دمرناهم وقومهم أجمعين } الآية .

وفي قوله : { وهم لا يشعرون } تأكيد لاستعارة المكر لتقدير الاستئصال فليس في ذلك ترشيحٌ للاستعارة ولا تجريد .