البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا وَمَكَرۡنَا مَكۡرٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (50)

ومكرهم : ما أخفوه من تدبير الفتك بصالح وأهله .

ومكر الله : إهلاكهم من حيث لا يشعرون ، شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة ، ومكرهم : أنهاهم أنهم مسافرون واختفاؤهم في غار .

قيل : أو شعب ، أو عزمهم على قتله وقتل أهله ، وحلفهم أنهم ما حضروا ذلك .

ومكر الله بهم : إطباق صخرة على فم الغار والشعب وإهلاكهم فيه ، أو رمي الملائكة إياهم بالحجارة ، يرونها ولا يرون الرامي حين شهروا أسيافهم بالليل ليقتلوه ، قولان .

وقيل : إن الله أخبر صالحاً بمكرهم فيخرج عنه ، فذلك مكر الله في حقهم .

وروي أن صالحاً ، بعد عقر الناقة ، أخبرهم بمجيء العذاب بعد ثلاثة أيام ، فاتفق هؤلاء التسعة على قتل صالح وأهله ليلاً وقالوا : إن كان كاذباً في وعيده ، كنا قد أوقعنا به ما يستحق ؛ وإن كان صادقاً ، كنا قد عجلناه قبلنا وشفينا نفوسنا .

واختفوا في غار ، وأهلكهم الله ، كما تقدم ذكره ، وأهلك قومهم ، ولم يشعر كل فريق بهلاك الآخر .