التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ} (2)

وأل فى قوله - تعالى - : { الأعمى } للعهد . والمقصود بهذا الوصف : التعريف وليس التنقيص من قدر عبد الله بن أم مكتوم - رضى الله عنه - وكذلك فى هذا الوصف إيماء إلى أن له عذرا فى مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم عند حديثه مع زعماء قريش ، فهو لم يكن يراه وهو يحادثهم ويدعوهم إلى الإِسلام .

وجاء الحديث عن هذه القصة بصيغة الحكاية ، وبضمير الغيبة ، للإِشعار بأن هذه القصة ، من الأمور التى لا يحب الله - تعالى - أن يواجه بها نبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التكريم له ، والعطف عليه ، والرحمة به .

   
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ} (2)

و { أن } : مفعول من أجله ، وقرأ الحسن { أن جاءه } بمدة تقرير وتوقيف والوقف مع هذه القراءة على { تولى } وهي قراءة عيسى{[11617]} . وذكر الله تعالى ابن مكتوم بصفة العمى ليظهر المعنى الذي شأن البشر احتقاره ، وبين أمره بذكر ضده من غنى ذلك الكافر ، وفي ذلك دليل على أن ذكر هذه العاهات متى كانت المنفعة أو لأن شهرتها تعرف السامع صاحبها دون لبس جائز ، ومنه قول المحدثين سلمان الأعمش وعبد الرحمن الأعرج وسالم الأفطس ونحو هذا .

ومتى ذكرت هذه الأشياء على جهة التنقيص فتلك الغيبة ، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة تذكر امرأة ، فقالت : إنها القصيرة ، فقال لها : لقد قلت كلمة لو مزجت بالبحر لمزجته{[11618]} .


[11617]:الذي في البحر المحيط أن الحسن، وأبا عمران الجوني، وعيسى قرءوا بهمزة ومدة بعدها. وفي المحتسب (آن جاءه (بالمد).
[11618]:أخرجه أبو داود في الأدب، والترمذي في القيامة، وأحمد في مسنده (6/189)، ولفظه كما في مسند أحمد: عن أبي حذيفة، وكان من أصحاب عبد الله، وكان طلحة يحدث عنه، عن عائشة قالت: (حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم رجلان فقال: ما يسرني أني حكيت رجلا وأن لي كذا وكذا، قالت: فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة –وقال بيده كأنه يعني قصيرة- فقال: لقد مزجت بكلمة لو مزج بها ماء البحر مزجت)، قال عبد الله- ابن الإمام احمد-: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده.