الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ} (2)

{ أَن جَآءَهُ } منصوب بتولى ، أو بعبس ، على اختلاف المذهبين . ومعناه : عبس ، لأن جاءه الأعمى . أو أعرض لذلك . وقرىء «ءاأن جاءه » بهمزتين وبألف بينهما ، ووقف على { عَبَسَ وتولى } ثم ابتديء ، على معنى : ألأن جاءه الأعمى فعل ذلك إنكاراً عليه . وروى أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط ، ولا تصدى لغني . وفي الإخبار عما فرط منه ، ثم الإقبال عليه بالخطاب : دليل على زيادة الإنكار ، كمن يشكو إلى الناس جانباً جنى عليه ، تم يقبل على الجاني إذا حمى في الشكاية مواجهاً له بالتوبيخ وإلزام الحجة . وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك ، كأنه يقول : قد استحق عنده العبوس والإعراض لأنه أعمى ، وكان يجب أن يزيده لعماه تعطفا وترؤفاً وتقريباً وترحيباً ، ولقد تأدّب الناس بأدب الله في هذا تأدباً حسناً ؛ فقد روي عن سفيان الثوري رحمه الله أنّ الفقراء كانوا في مجلسه أمراء .