الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ} (2)

- قوله تعالى : ( عبس وتولى {[73634]} ) إلى قوله : ( ولأنعامكم )

هذا عتاب من الله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة : أتى النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم وعند النبي عظماء قريش ، فجعل ( ابن ) {[73635]} أم مكتوم [ يقول ] {[73636]} : أرشدني ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه [ ويقبل ] {[73637]} على الآخرين {[73638]} يقول {[73639]} لهم : أترون {[73640]} بما أقول بأسا {[73641]} ؟ فأنزل الله ( عبس وتولى ) في ذلك {[73642]} .

قل ( ابن عباس ) {[73643]} بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة {[73644]} وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب {[73645]} ، وكان يتصداهم {[73646]} كثيرا رجاء أن يؤمنوا ، فأقبل إليه رجل أعمى يقال له : ابن أم مكتو ، ( يمشي والنبي صلى الله عليه وسلم يناجيهم ، فجعل ابن أم مكتوم ) {[73647]} [ يستقرئ ] {[73648]} النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن ، وهو يقول : يا رسول الله ، علمني مما علمك الله . فأعرض عنه [ رسول صلى الله عليه وسلم ] {[73649]} وعَبَسَ ( في ) {[73650]} وجهه وتولى عنه وأقبل على الآخرين ، فما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم {[73651]} نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله ، أمسك الله بعض بصره [ وخفق ] {[73652]} ، ثم أنزل الله ( عبس وتولى ) . . [ الآيات ] {[73653]} . فلما نزل فيه ما [ نزل ] {[73654]} أكرمه الله [ وكلمه ] {[73655]} : ما حاجتك ؟ هل تريد من شيء ؟ {[73656]} .

قال قتادة : اسم ابن أم مكتوم : عبد الله بن زائدة {[73657]} ، وقيل : اسمه [ عمرو بن قيس ] {[73658]} ، واسم أمه : أم مكتوم عاتكة {[73659]} . قال مجاهد هو من بني فهر {[73660]} .

وذكر قتادة أن النبي {[73661]} صلى الله عليه وسلم استخلفه في المدينة على الصلاة في غزوتين من غزواته {[73662]} .

وروي أن الذي كان قد اشتغل النبي صلى الله عليه وسلم [ به ] {[73663]} ( عن أم مكتوم هو شيبة ابن [ ربيعة ] {[73664]} ، طمع النبي صلى الله عليه وسلم ) {[73665]} بإسلامه .

وقيل : هو أبي بن خلف {[73666]} ، كان يقبل عليه ويكنيه {[73667]} ، ويقول {[73668]} له : أبا فلان ، هل ترى بما أقول بأسا ؟ طمعا {[73669]} أن يسلم ، فيسلم بإسلامه خلق ، فأجابه المشرك فقال له : [ والدمى ] {[73670]} ، ما أرى بما تقول بأسا : فأقسم المشرك للنبي صلى الله عليه وسلم بالأصنام وترك أن يقسم بالله .

[ والدمى ] {[73671]} جمع دمية ، وهي الصورة {[73672]} من [ صور الأصنام ] {[73673]} . [ فعذل ] {[73674]} الله نبيه {[73675]} على ذلك .

وقال {[73676]} ابن زيد : أقبل ابن أم مكتوم ومعه قائده ، فما بصر به النبي صلى الله عليه وسلم –وكان مقبلا على رجل من عظماء قريش قد طمع في إسلامه- أشار إلى قائده ( أن كُفّه ) {[73677]} فدفعه ابن أم مكتوم ، فعند ذلك عبس النبي في وجهه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه بعد ذلك {[73678]} .

وقال {[73679]} سفيان : كان النبي صلى الله عليه وسلم-بعد ذلك- إذا {[73680]} رآه بسط له رداءه ، وقال مرحبا [ بمن ] {[73681]} عاتبني فيه ربي جل وعز {[73682]} .

قال ابن زيد : كان [ يقال ] {[73683]} : لو أن رسول الله كتم من الوحي شيئا لكتم هذا على {[73684]} نفسه {[73685]} .


[73634]:- بعد هذه الآية قوله تعالى: (أَن جَاءَهُ الاَعْمَى).
[73635]:- ساقط من ث.
[73636]:- م: ويقول.
[73637]:- م: ويعبل.
[73638]:- ث: الآخر.
[73639]:- أ: ويقول.
[73640]:- أ: ألا ترون.
[73641]:- ث: بما أقول لكم بأساً.
[73642]:- انظر: جامع البيان 20/50.
[73643]:- ساقط من أ.
[73644]:- هو أبو الوليد عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، أحد قادات قريش في الجاهلية، هلك في بدر على يد علي بن أبي طالب وعبيدة، بن الحارث وحمزة. انظر: المحبر 160 و401 والسيرة لابن هشام 2/366 والأعلام 4/200.
[73645]:- هو العباس بن عبد المطلب أبو الفضل عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام، أسلم قبل الهجرة، وكتم إسلامه، ثم هاجر وشهد حنيناً وفتح مكة. (ت: 32هـ) انظر: تهذيب الأسماء: 1/257 والأعلام 2/262.
[73646]:- في جامع البيان 30/51: "يتصدى لهم" ولعله هو الأنسب، وإنما وجدته في اللسان (صدي) متعدياً باللام قال: "تصدّى للرجل: تعرّض له وتضرّع، وهو الذي يستشرفه ناظراً إليه".
[73647]:- ما بين قوسين (يمشي _ ابن أم مكتوم) ساقط من أ.
[73648]:- م: يستقرير.
[73649]:- زيادة مفيدة من أ، ث.
[73650]:ساقط من ث.
[73651]:رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[73652]:م: وحفق.
[73653]:م: إلى الآيات. أ: الآية.
[73654]:م ث: انزل.
[73655]:ساقط من م، ث.
[73656]:حديث ابن عباس أخرجه الطبري في جامع البيان 30/51 بتمامه. وذكره السيوطي في الدر 8/416 نقلاً عن الطبري وابن مردويه فيما أخرجاه، وذكره ابن كثير في تفسيره: 4/502 عن الطبري وابن أبي حاتم، فيما أخرجاه. ثم قال: "فيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده".
[73657]:انظر: جامع البيان 30/51. وتفسير ابن كثير 4/502 قال: "وهو المشهور".
[73658]:م: عمر بن قيس. وانظر: الأعلام 5/83. وفيه أنه كان صحابياً شجاعاً ضريراً، أسلم بمكة وهاجر إلى المدينة وكان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (ت23هـ).
[73659]:في تفسير القرطبي 19/212: عاتكة بنت عامر بن مخزوم.
[73660]:انظر: جامع البيان 30/51 وتفسير مجاهد: 705.
[73661]:ث: ان رسول الله.
[73662]:انظر: جامع البيان 30/52. وانظر: سيرة ابن هشام 3/46 و50 و64 و68 و108.
[73663]:ما بين معقوفتين زيادة ليست في النسخ.
[73664]:م، ث: زمعة. وشيبة هو ابن ربيعة بن عبد شمس من زعماء، قريش في الجاهلية، أدرك الإسلام، وقتل على الوثنية. وهو أحد الذين نزلت فيهم الآية: (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ) [الحجر: 90]. وهم سبعة عشر رجلاً من قريش، اقتسموا عقبات مكة في بدء ظهور الإسلام وجعلوا دأبهم في أيام موسم الحج أن يصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قتل شيبةُ في وقعة بدر 2هـ. انظر: المحبر 160 و162 والأعلام 3/181.
[73665]:ما بين قوسين (عن ابن أم-وسلم) ساقط من أ.
[73666]:انظر: جامع البيان 30/51 وفيه أنه قول قتادة، وانظر: الدر 8/416. حيث ذكر عن أنس. وأبي بن خلف، كان من زنادقة قريش، قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في أحد. انظر: المحبر: 161.
[73667]:ث: يكينه.
[73668]:ث: ويقال، أ: يقول.
[73669]:أ: طمع.
[73670]:م: والرحم.
[73671]:م: والدم. أ: والدماء. وقد ورد هذا اللفظ في رواية أخرى ذكرها ابن عطية في المحرر 16/228، يعني قسم بالدماء.
[73672]:ث: السورة.
[73673]:م: صور الأصوار الاصنام.
[73674]:م: فعدل ث: في المتن: فعدل وفي الهامش: بغدر، وكتب الناسخ "اظنه".
[73675]:ث: بنبيه.
[73676]:أ: قال.
[73677]:ساقط من أ.
[73678]:في متن أ: بعد ذلك وفي الهامش: فعند ذلك. وانظر: قول ابن زيد في جامع البيان 30/52.
[73679]:أ: قوله قال.
[73680]:أ: اذا رءاه بعد ذلك.
[73681]:م: ابن.
[73682]:أ: ربي عز وجل فيه... وانظر: قول ابن زيد في تفسير القرطبي 19/213.
[73683]:في جميع النسخ: يقول. والتصويب من جامع البيان.
[73684]:أ: عن.
[73685]:انظر: قول ابن زيد في جامع البيان 30/52.