وقد أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بالرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فقال : { قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض . . } .
أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الذين زعموا أن القرآن أساطير الأولين ، وأنك افتريته من عند نفسك ، وأعانك على هذا الافتراء قوم آخرون . . . . قل لهم : كذبتم أشنع الكذب وأقبحه ، فأنتم أول من يعلم بأن هذاب القرآن له من الحلاوة والطلاوة ، وله من حسن التأثير ما يجعله - باعتراف - زعمائكم ليس من كلام البشر وإنما الذى أنزله علىَّ هو الله - تعالى - الذى يعلم السر فى السموات والأرض ، أى : يعلم ما خفى فيها ويعلم الأسرار جميعها فضلا عن الظواهر .
قال الآلوسى : " قل " لهم ردا عليهم وتحقيقا للحق : أنزله الله - تعالى - الذى لا يعزب عن علمه شىء من الأشياء ، وأودع فيه فنون الحكم والأسرار على وجه بديع ، لا تحوم حوله الأفهام ، حيث أعجزكم قاطبة بفصاحته وبلاغته ، وأخبركم بمغيبات مستقبلة ، وأمور مكنونة ، لا يهتدى إليها ولا يوقف - إلا بتوفيق الله - تعالى - العليم الخبير عليها . . .
ثم ختم - سبحانه - الآية بما يفتح باب التوبة للتائبين ، وبما يحرضهم على الإيمان والطاعة لله رب العالمين فقال - تعالى - : { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } .
أى : إنه - سبحانه - واسع المغفرة والرحمة ، لمن ترك الكفر وعاد إلى الإيمان ، وترك العصيان وعاد إلى الطاعة .
قال الإمام ابن كثير : وقوله : { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم وأن من تاب إليه تاب عليه ، فهؤلاء مع كذبهم . وافترائهم . وفجورهم . وبهتهم . وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم - سبحانه - إلى التوبة والإقلاع عما هم عليه من كفر إلى الإسلام والهدى . كما قال - تعالى - : { لَّقَدْ كَفَرَ الذين قالوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ إله وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال الحسن البصرى : انظروا إلى هذا الكرم والجود . قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة .
{ قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض } لأنه أعجزكم عن آخركم بفصاحته وتضمنه أخبارا عن مغيبات مستقبلة وأشياء مكنونة لا يعلمها إلى عالم الأسرار فكيف تجعلونه { أساطير الأولين } . { إنه كان غفورا رحيما } فلذلك لا يعجل في عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليها واستحقاقكم أن يصب عليكم العذاب صبا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.