تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي} (14)

{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ } وهذا أيضا تهديد وتَبَرّ منهم ، { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ } أي : إنما الخاسرون كل الخسران { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا ، سواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار ، أو أن الجميع أسكنوا النار ، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور ، { ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } أي : هذا هو الخسار البين الظاهر الواضح .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي} (14)

{ قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى }

أمر بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده تأكيداً لقوله : { قل إني أُمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين } [ الزمر : 11 ] ، لأهميته ، وإن كان مفاد الجملتين واحداً لأنهما معاً تفيدان أنه لا يعبد إلا الله تعالى باعتبار تقييد { أعْبُدَ الله } الأول بقيد { مُخلصاً له الدين } وباعتبار تقديم المفعول على { أَعْبُد } الثاني فتأكد معنى التوحيد مرتين ليتقرر ثلاث مرات ، وتمهيداً لقوله : { فاعبدوا ما شئتم من دونه } وهو المقصود .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي} (14)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قل} لهم يا محمد {الله أعبد مخلصا} موحدا {له ديني}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قومك: الله أعبد مخلصا، مفردا له طاعتي وعبادتي، لا أجعل له في ذلك شريكا، ولكني أُفرده بالألوهة، وأبرأ مما سواه من الأنداد والآلهة، فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام، وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه، فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

إن قلت: ما معنى التكرير في قوله: {قُلْ إِنّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين} وقوله: {قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي} قلت: ليس بتكرير؛ لأنّ الأوّل إخبار بأنه مأمور من جهة الله بإحداث العبادة والإخلاص.

والثاني: إخبار بأنه يختص الله وحده دون غيره بعبادته مخلصاً له دينه؛ ولدلالته على ذلك قدّم المعبود على فعل العبادة وأخره في الأوّل، فالكلام أوّلاً واقع في الفعل نفسه وإيجاده، وثانياً فيمن يفعل الفعل لأجله؛ ولذلك رتب عليه قوله: {فاعبدوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

تقديم الجلالة دال على الاهتمام بمن يعبد..

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما بين ما أمر به وأعلم أنه يخاف من مخالفة الأمر له بذلك فأفهم أنه ممتثل لما أمر به، أمره سبحانه بأن يصرح بذلك؛ لأن التصريح من المزية ما لا يخفى فقال:

{قل الله} أي المحيط بصفات الكمال وحده.

{أعبد} تخصيصاً له بذلك، لا أنحو أصلاً بالعبادة نحو غيره أبداً.

{مخلصاً له} وحده {ديني} أي امتثالاً لما أمرت به فلا أشينه بشائبة أصلاً لا طلباً لجنّة ولا خوفاً من نار؛ فإنه قد غفر لي ما تقدم وما تأخر، فصارت عبادتي لأجل وجهه وكونه مستحقاً للعبادة خاصة شوقاً إليه وحباً له وحياء منه، وأما الرغبة فيما عنده سبحانه والخوف من سطواته التي جماعها قطع الإحسان الذي هو عند الأغبياء أدنى ما يخاف؛ فإنما خوفي لأجل إعطاء المقام حقه من ذل العبودية وعز الربوبية...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{قُلِ الله أَعْبُدُ} لا غيرَه، لا استقلالاً ولا اشتراكاً {مُخْلِصاً لهُ دِينِي} من كلِّ شَوْبٍ. أُمر عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أوَّلاً ببيان كونِه مأموراً بعبادةِ الله تعالى وخلاصِ الدِّينِ له ثمَّ بالإخبارِ بخوفِه من العذابِ على تقديرِ العصيانِ ثمَّ بالإخبارِ بامتثاله بالأمرِ على أبلغِ وجِه وآكدِه إظهاراً لتصلُّبه في الدِّينِ وحسماً لأطماعِهم الفارغةِ وتمهيداً لتهديدِهم بقوله تعالى {فاعبدوا مَا شِئْتُمْ}...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أمر بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده تأكيداً لقوله: {قل إني أُمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين} لأهميته، وإن كان مفاد الجملتين واحداً.