نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي} (14)

ولما بين ما أمر به ، وأعلم أنه يخاف من مخالفة الأمر له بذلك فأفهم أنه ممتثل لما أمر به ، أمره سبحانه بأن يصرح بذلك لأن التصريح من المزية ما لا يخفى فقال : { قل الله } أي المحيط بصفات الكمال وحده { أعبد } تخصيصاً له بذلك ، لا أنحو أصلاً بالعبادة نحو غيره أبداً { مخلصاً له } وحده { ديني * } أي امتثالاً لما أمرت به فلا أشينه بشائبة أصلاً لا طلباً لجنّة ولا خوفاً من نار فإنه قد غفر لي ما تقدم وما تأخر ، فصارت عبادتي لآجل وجهه وكونه مستحقاً للعبادة خاصة شوقاً إليه وحباً له وحياء منه ، وأما الرغبة فيما عنده سبحانه والخوف من سطواته التي جماعها قطع الإحسان الذي هو عند الأغبياء أدنى ما يخاف فإنما خوفي لأجل إعطاء المقام حقه من ذل العبودية وعز الربوبية .