فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي} (14)

ثم أمره رابعا أن يخبرهم بأنه امتثل الأمر وانقاد ، وعبد الله وأخلص له الدين على أبلغ وجه ، وآكده ، إظهارا لتصلبه في الدين ، وحسما لأطماعهم الفارغة ، وتمهيدا لتهديدهم فقال : { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي 14 } . { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ } التقديم مشعر بالاختصاص ، أي لا أعبد غيره لا استقلالا ولا على جهة الشركة ، ومعنى { مُخْلِصًا لَهُ دِينِي } أنه خالص لله غير مشوب بشرك ولا رياء ولا غيرهما ، وقد تقدم تحقيقه في أول السورة ، قال الرازي : فإن قيل ما معنى التكرير في قوله { إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } ، وقوله { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي } قلنا ليس هذا بتكرير لأن الأول إخبار بأنه مأمور من جهة الله بالإيمان والعبادة والثاني إخبار بأنه أمر أن لا يعبد أحدا غير الله .