التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ} (195)

وقوله - تعالى - : { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } متعلق بقوله - تعالى - { نَزَلَ } . أى : نزل هذا القرآن باللسان العربى ليكون أوضح فى البلاغ والبيان لقومك لأننا لو نزلناه بلسان أعجمى أو بلغة أعجمية لتعللوا بعدم فهمه وقلة إدراكهم لمعناه .

وبذلك نرى أن الله - تعالى - قد بين لنا مصدر القرآن ، والنازل به ، والنازل عليه ، وكيفية النزول ، وحكمة الإنزال ، واللغة التى نزل بها ، وكل ذلك أدلة من القرآن ذاته على أنه من عند الله - تعالى - وأنه من كلامه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ} (195)

وقوله : { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } أي : هذا القرآن الذي أنزلناه إليك [ أنزلناه ]{[21862]} بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل ، ليكون بَيِّنًا واضحًا ظاهرًا ، قاطعًا للعذر ، مقيمًا للحجة ، دليلا إلى المحجة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي بكر العَتَكيّ ، حدثنا عباد بن عباد الُمهَلَّبي ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في يوم دَجْن إذ قال لهم : " كيف ترون بواسقها ؟ " . قالوا : ما أحسنها وأشد تراكمها . قال : " فكيف ترون قواعدها ؟ " . قالوا : ما أحسنها وأشد تمكنها . قال : " فكيف ترون جَوْنَها{[21863]} ؟ " . قالوا : ما أحسنه وأشد سواده . قال : " فكيف ترون رحاها استدارت{[21864]} ؟ " . قالوا : ما أحسنها وأشد استدارتها . قال : " فكيف ترون برقها ، أومَيض أم خَفْو{[21865]} أم يَشُق شَقّا{[21866]} ؟ " . قالوا : بل يشق شقًا . قال : " الحياء الحياء إن شاء الله " . قال : فقال رجل : يا رسول الله ، بأبي وأمي ما أفصحك ، ما رأيت الذي هو أعربُ منك . قال : فقال : " حق لي ، وإنما أنزل{[21867]} القرآن بلساني ، والله يقول : { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } {[21868]} .

وقال سفيان الثوري : لم ينزل وحي إلا بالعربية ، ثم تَرْجم كل نبي لقومه ، واللسان يوم القيامة بالسريانية ، فَمَنْ دخل الجنة تكلم بالعربية . رواه ابن أبي حاتم .


[21862]:- زيادة من ف ، أ.
[21863]:- في ف ، أ : "حرنا".
[21864]:- في ف : "رحلها استدار".
[21865]:- في أ : "خفق".
[21866]:- في أ : "شقاقا".
[21867]:- في ف : "نزل".
[21868]:- ورواه الرامهرمزي في أمثال الحديث ص (155) من طريق عبد الله بن محمد الأموي ، عن عباد بن عباد المهلبي به.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ} (195)

{ بلسان } حال من الضمير المجرور في { نزل به الروح الأمين } .

والباء للملابسة . واللسان : اللغة ، أي نزل بالقرآن ملابساً للغة عربية مبينة أي كائناً القرآن بلغة عربية .

والمبين : الموضِّح الدلالة على المعاني التي يعنيها المتكلم ، فإن لغة العرب أفصح اللغات وأوسعها لاحتمال المعاني الدقيقة الشريفة مع الاختصار ، فإن ما في أساليب نظم كلام العرب من علامات الإعراب ، والتقديم والتأخير ، وغير ذلك ، والحقيقة والمجاز والكناية ، وما في سعة اللغة من الترادف ، وأسماء المعاني المقيّدة ، وما فيها من المحسنات ، ما يلج بالمعاني إلى العقول سهلةً متمكنة ، فقدّر الله تعالى هذه اللغة أن تكون هي لغة كتابه الذي خاطب به كافة الناس ، فأنزل بادىء ذي بدء بين العرب أهل ذلك اللسان ومقاويل البيان ثم جعل منهم حمَلتَه إلى الأمم تترجم معانيَه فصاحتُهم وبيانُهم ، ويتلقى أساليبَه الشادون منهم وولدانُهم ، حين أصبحوا أمة واحدة يقوم باتحاد الدين واللغة كيانهم .