التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ} (44)

اذكر - أيضا - أيها العاقل { يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ سِرَاعاً . . } أى يوم تتشقق الأرض عن من باطنها من مخلوقات ، فيخرجون إلينا سراعا . كما قال - تعالى - : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } وقوله : { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } أى : ذلك التشقق للأرض وما يترتب عليه من بعث وجمع وحشر ، يسر وهين علينا ، لأن قدرتنا لا يعجزنا شئ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ} (44)

وقوله : { يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا } : وذلك أن الله تعالى {[27383]} ينزل مطرًا من السماء تنبت به أجساد الخلائق في قبورها ، كما ينبت الحب في الثرى بالماء ، فإذا تكاملت الأجساد أمر الله إسرافيل فينفخ في الصور ، وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور ، فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض ، فيقول الله ، عز وجل : وعزتي وجلالي ، لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره ، فترجع كل روح إلى جسدها ، فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق{[27384]} الأرض عنهم ، فيقومون إلى موقف الحساب سراعا ، مبادرين إلى أمر الله ، عز وجل ، { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] ، وقال الله تعالى : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } [ الإسراء : 52 ] ، وفي صحيح مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من تنشق عنه الأرض " {[27385]} .

وقوله : { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } أي : تلك إعادة سهلة علينا ، يسيرة لدينا ، كما قال تعالى : { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] ، وقال تعالى : { مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ لقمان : 28 ] .


[27383]:- (6) في م: "عز وجل".
[27384]:- (7) في م: "وتتشقق".
[27385]:- (8) رواه مسلم في صحيحه برقم (2278) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولم أهتد إليه من حديث أنس.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ} (44)

وقوله تعالى : { يوم تشقق } العامل في { يوم } ، { المصير } . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : «تشّقق » بتشديد الشين . وقرأ الباقون : «تشقق » بتخفيف الشين و : { سراعاً } حال قال بعض النحويين وهي من الضمير في قوله : { عنهم } والعامل في الحال { تشقق } وقال بعضهم التقدير : { يوم تشقق الأرض عنهم } يخرجون { سراعاً } فالحال من الضمير في : «يخرجون » ، والعامل «يخرجون » .

وقوله تعالى : { ذلك حشر علينا يسير } كلام معادل لقول الكفرة : { ذلك رجع بعيد }{[10576]} [ ق : 3 ] .


[10576]:من الآية(3) من هذه السورة (ق).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ حَشۡرٌ عَلَيۡنَا يَسِيرٞ} (44)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك حشر علينا يسير} يعني جمع الخلائق علينا هين...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"تَشَقّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ "يقول: تصدّع الأرض عنهم.

وقوله "سِرَاعا" ونُصبت سراعا على الحال من الهاء والميم في قوله عنهم. والمعنى: يوم تشقّق الأرض عنهم فيخرجون منها سراعا، فاكتفى بدلالة قوله: "يَوْمَ تَشَقّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ" على ذلك من ذكره.

وقوله: "ذلكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ" يقول: جمعهم ذلك جمع في موقف الحساب، علينا يسير سهل.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{يوم تشقّق الأرض عنهم سِراعًا} يحتمل أن يكون ما ذكر من السِّراع، هو صفة تشقّق الأرض؛ كأنه يقول: يوم تشقّق سِراعا لا تنتظر طرفة عين، ولكن تتشقّق أسرع من لمحة البصر. ويحتمل أن يكون وصف سرعة خروجهم من الأرض؛ يقول: يوم يُسرعون بالخروج من الأرض.

وقوله تعالى: {ذلك حشرٌ علينا يسير} وغير الحشر يسير على الله تعالى أيضا؛ ليس شيء أيسر عليه من شيء، لكن خصّ ذلك بالذكر، لأن أولئك الكفرة استبعدوا ذلك اليوم، واستعظموا كونه، فخصّ ذلك اليوم باليُسر لهذا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يوم تشقق الأرض} وعبر بفعل المطاوعة لاقتضاء الحال له، وحذف تاء المطاوعة إشارة إلى سهولة الفعل وسرعته {عنهم} أي مجاوزة لهم بعد أن كانوا في بطنها فيخرجون منها أحياء كما كانوا على ظهرها أحياء، حال كونهم {سراعاً} إلى إجابة مناديها، وأشار إلى عظمه بقوله: {ذلك} أي الإخراج العظيم جداً {حشر} أي جمع بكره، وزاد في بيان عظمة هذا الأمر بدلالته على اختصاصه بتقديم الجار فقال: {علينا} أي خاصة {يسير} فكيف يتوقف عاقل فيه فضلاً عن أن ينكره، وأما غيرنا فلا يمكنه ذلك بوجه. انتهى.