التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ فِي غَمۡرَتِهِمۡ حَتَّىٰ حِينٍ} (54)

والخطاب فى قوله - تعالى - : { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ } للرسول صلى الله عليه وسلم والضمير المنصوب " هم " للمشركين .

والغمرة فى الأصل : الماء الذى يغمر القامة ويسترها ، إذ المادة تدل على التغطية والستر .

يقال : غمر الماء الأرض إذا غطاها وسترها . ويقال : هذا رجل غُمْر - بضم الغين وإسكان الميم - إذا غطاه الجهل وجعله لا تجربة له بالأمور . ويقال : هذا رجل غِمْر - بكسر الغين - إذا غطى الحقد قلبه والمراد بالغمرة هنا : الجهالة والضلالة ، والمعنى : لقد أديت - أيها الرسول - الرسالة ، ونصحت لقومك . وبلغتهم ما أمرك الله - تعالى - بتبليغه ، وعليك الآن أن تترك هؤلاء الجاحدين المعاندين فى جهالاتهم وغفلتهم وحيرتهم { حتى حِينٍ } أى : حتى يأتى الوقت الذى حددناه للفصل فى أمرهم بما تقتضيه حكمتنا .

وجاء لفظ " حين " بالتنكير ، لتهويل الأمر وتفظيعه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ فِي غَمۡرَتِهِمۡ حَتَّىٰ حِينٍ} (54)

أي : في غيهم وضلالهم { حَتَّى حِينٍ } أي : إلى حين حينهم وهلاكهم ، كما قال تعالى : { فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } [ الطارق : 17 ] ، وقال تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ الحجر : 3 ] .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ فِي غَمۡرَتِهِمۡ حَتَّىٰ حِينٍ} (54)

ثم ذكر تعالى أن كل فريق منهم معجب برأيه وضلالته وهذه غاية الضلال لأن المرتاب بما عنده ينظر في طلب الحق ومن حيث كان ذكر الأمم في هذه الآية مثالاً لقريش خاطب محمداً عليه السلام في شأنهم متصلاً بقوله { فذرهم } أي فذر هؤلاء الذين هم بمنزلة من تقدم و «الغمرة » ، ما عمهم من ضلالهم وفعل بهم فعل الماء الغمر{[8501]} لما حصل فيهم ، وقرأ عبد الرحمن «في غمراتهم » ، و { حتى حين } أي إلى وقت فتح فيهم غير محدود وفي هذه الآية موادعة منسوخة بآية السيف .


[8501]:الماء الغمر: الماء الكثير لأنه يغمر وجه الأرض، أي يغطيها، والمراد هنا أن الغفلة والضلالة قد غطت على قلوبهم.