الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَذَرۡهُمۡ فِي غَمۡرَتِهِمۡ حَتَّىٰ حِينٍ} (54)

قولهم : { فِي غَمْرَتِهِمْ } مفعولٌ ثانٍ ل " ذَرْهم " أي : اتْرُكهم مُسْتَقِرِّين في غَمْرَتهم . ويجوز أّنْ يكونَ ظرفاً للتَّرْكِ . والمفعول الثاني محذوفٌ . والغَمْرَةُ في الأصلِ : الماءُ الذي يَغْمُرُ القامةِ ، والغَمْرُ : الماءُ الذي يَغْمُر الأرضَ ، ثم استُعير ذلك للجَهالةِ ، فقيل : فلانٌ في غَمْرَة ، والمادة تدلُ على الغِطاء والاستتارِ ، ومِنه الغُمْرُ بالضم لمَنْ لم يُجَرِّبِ الأمورَ ، وغُِمارُ الناسِ وخُمَارُهم : زِحامهم . والغِمْر بالكسر الحقد ؛ لأنه يُغَطي القلب . والغَمَرات : الشدائدُ . والغامِرُ : الذي يُلْقي نفسَه في المهالِك . وقال الزمخشري : " والغَمْرَةُ : الماءُ الذي يَغْمُر القامةَ ، فضُرِبَتْ لهم مَثَلاً لِما هم [ مَغْمورون ] فيه مِنْ جَهْلهم وعَمايتهم . أو شُبِّهوا باللاعبين في غَمْرَةِ الماءِ ؛ لِما هم عليه من الباطلِ كقوله :

3419 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كأنني ضاربٌ في غَمْرَةٍ لَعِبُ

وقرأ أميرُ المؤمنين وأبو حيوة وأبو عبد الرحمن " غَمَراتهم " بالجمع ؛ لأنَّ لكلٍّ منهم غَمْرَةً تَخُصُّه . وقراءةُ العامَّةِ لا تأْبَى هذا المعنى فإنه اسمُ جنسٍ مضافٌ .