غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَذَرۡهُمۡ فِي غَمۡرَتِهِمۡ حَتَّىٰ حِينٍ} (54)

31

ثم بالغ في الذم والتهديد بقوله { فذرهم في غمرتهم } وهذا الأمر مما يدل على أن المخاطب بقوله { يا أيها الرسل } هو نبينا صلى الله عليه وسلم وقد يطلق لفظ الجماعة على الواحد تعظيماً وتفخيماً كقوله { إنّ إبراهيم كان أمة } [ النحل : 120 ] والغمرة الماء الذي يغمر القامة . قال جار الله : ضربت مثلاً لما هم مغمورون فيه من جهلهم وغايتهم ، أو شبهوا باللاعبين في غمرة الماء لما هم عليه من الباطل . قلت : وأنت إذا تأملت فيما أسلفنا لك في المقدمة التاسعة من مقدمات الكتاب عرفت الفرق بين الوجهين . قال في الكشاف { إلى حين } أي إلى أن يقتلوا أو يموتوا . والتحقيق أنه الحالة التي يظهر عندها الحسرة والندامة وذلك إذا عرّفهم الله بطلان ما كانوا عليه وعرّفهم سوء من قلبهم فيشمل الموت والقبر والمحاسبة والنار ، وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونهي عن الجزع من تأخير عقابهم .

/خ56