التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ} (7)

وقوله - سبحانه - : { الذي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } صفات أخرى للرب - عز وجل - الكريم المنان .

والخلق : هو الإِيجاد على مقدار معين مقصود . والتسوية : جعل الشئ سويا ، أى : قويما سليما خاليا من الاضطراب والاختلال .

وقوله : { فَعَدَلَكَ } قرأها بعضهم بفتح الدال مع التخفيف ، وقرأها آخرون بفتحها مع التشديد ، وهما متقاربان ، إلا أن التشديد يفيد المبالغة فى التعديل ، الذى هو جعل البنية معتدلة ، متناسبة الأعضاء ، فالتسوية ترجع إلى عدم النقصان فى الأعضاء ، والتعديل يرجع إلى عدم التخالف فيها وهذا ، باعتبار الأصل فى خلق الإِنسان ، فلا عبرة بوجود ما يخالف ذلك فى قلة من أفراد الإِنسان .

والمعنى : يأيها الإِنسان ، أى شئ خدعك وجرأك على معصية ربك الكريم . . الذى من مظاهر كرمه أنه { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ } بأن جعل أعضاءك سوية سليمة . مهيأة لاكتساب منافعها على حسب ما تقتضيه حكمة خالقك { فعدلك } أى : فعدل أعضاؤك بأن جعلها متناسقة متوازنة بعضها مع بعض ، فلم يجعل - مثلا - إحدى يديك طويلة والأخرى قصيرة ، ولم ثيجعل - مثلا - جانباً من جسدك أبيض ، والأخر أسود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ} (7)

وقوله : { الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } أي : ما غرك بالرب الكريم { الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } أي : جعلك سَويا معتدل القامة منتصبها ، في أحسن الهيئات والأشكال .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، حدثنا حَريزُ ، حدثني عبد الرحمن بن مَيسرة ، عن جُبير ابن نُفَير ، عن بُسْر بن جحَاش القرشي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما في كفه ، فوضع عليها إصبعه ، ثم قال : " قال اللَه عز وجل : ابن{[29812]} آدم أنَّى تُعجِزني وقد خلقتك من مثل هذه ؟ حتى إذا سَوّيتك وعدلتك ، مشيت بين بردين وللأرض منك وَئِيدٌ ، فجَمَعت ومَنعت ، حتى إذا بلغت التراقي قلتَ : أتصدقُ ، وأنَّى أوانُ الصدقة " .

وكذا رواه ابن ماجة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون ، عن حَريز بن عثمان ، به{[29813]} .

قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزِّي : وتابعه يحيى بن حمزة ، عن ثور بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن ميسرة{[29814]} .


[29812]:- (9) في م: "يا ابن".
[29813]:- (1) المسند (4/210) وسنن ابن ماجة برقم (2707) وقال البوصيري في الزوائد (2/365): "إسناد صحيح رجاله ثقات".
[29814]:- (2) تحفة الأشراف للمزي (2/97).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ} (7)

الذي خلقك فسواك فعدلك صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم منبهة على أن من قدر على ذلك أولا قدر عليه ثانيا والتسوية جعل الأعضاء سليمة مسواة معدة لمنافعها والتعديل جعل البنية معدلة متناسبة الأعضاء أو معدلة بما تسعدها من القوى وقرأ الكوفيون فعدلك بالتخفيف أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت أو فصرفك عن خلقه غيرك وميزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ} (7)

وقرأ الجمهور : «فعدّلك » بتشديد الدال ، وكان صلى الله عليه وسلم : إذا نظر إلى الهلال ، وقال : «آمنت بالذي خلقك فسواك فعدلك » لم يختلف الرواة في شد الدال ، وقرأ الكوفيون والحسن وأبو جعفر وطلحة والأعمش وأبو رجاء وعيسى بن عبيد : «فعدَلك » بتخفيف الدال ، والمعنى عدل أعضاءك بعضها ببعض أي وازن بينها .